المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماهو الدين ؟


الاء الرحمن
10-08-2016, 01:31 PM
الدكتور عماد علي الهلالي

ما هو الدين؟
(القسم الأول)
لا بد من تعريف الدين قبل الحديث عنه، لأن التفلسف بشأن الدين قبل معرفته يوقع المتكلم بالمفارقة مع البحوث الأخرى التي تتكلم عن الدين وتختلف معه في فكرتها عن الدين.
فالبعض عرّف الدين على أنه النصوص الدينية، وعرف التدين بأنه فهم تلك النصوص، ليفرّق بين الدين والفهم الديني ففتح الباب للتجديد والإضافة على الدين. وهو غير صحيح، فالنصوص الدينية تحمل معلومات عن الدين وليست هي الدين، والأنبياء (عليهم السلام) كانوا متدينين بدينهم طبعاً ولم يكن تدينهم اعتماداً على النصوص.
والبعض عرّف الدين على أنه المناسك أو الطقوس التي يؤديها الفرد أو الجماعة. وهو تعريف لا يتضمن الجانب الاعتقادي –إلا من حيث اللازم- الذي هو الجزء الأهم في الدين والأصل.
وأراد البعض أن يُظهر الدين على أنه منتَج بشري اجتماعي، وهي وجهة نظر خارجة عن الدين؛ لأن الشيء الجوهري في كل دين هو ارتباطه بالله تعالى وأي نظام أو قانون أو عقد اجتماعي أو فردي إذا لم يرتبط بالله فلا يسمى ديناً.
وقُدّمت تعريفات عديدة من الدين منتزعة من اللوازم أيضاً، وينقض على ذلك كله، قوله تعالى: [مَالكِ يَومِ الدِين] (الفاتحة:4) التي يكررها المؤمن في صلواته، ويوم الدين هو يوم القيامة، ولا يمكن تفسير الدين في الآية الشريفة على أنه يوم النصوص الدينية أو يوم الطقوس أو غيرها، إذ لا نصوص ولا طقوس يومها.
فما هو الدين، إذا أردنا استخراج تعريف له من القرآن الكريم والروايات الشريفة مع تمحيص النصوص التي عبّرت بكلمة الدين عنه تارة وعن لوازمه تارة أخرى؟
بالمستطاع القول أن الدين هو التوجه إلى الله تعالى، وذلك التوجه إلى الله شيء تكويني شامل في الإنسان، وليس هو توجّه فكري استدلالي فقط، بل توجه يستوعب جميع عوالم الإنسان والكون. وليس هو شيئاً اعتبارياً بل وجوداً عينياً مجرداً في سرّ كل كائن خرج به إلى الوجود ولا زال يحمل لمسة الخالق عز وجل...

الاء الرحمن
10-08-2016, 01:34 PM
ما هو الدين؟
(القسم الثاني)
فالدين في وجود الكائنات هو توجهها في سرها إلى الله سبحانه؛ لأن كل الكائنات هي كلمات الله، وهي تسبّح بلسان الحال والمقال لله [وإن من شيء إلا يسبح بحمده]، وذلك التوجه هو الهوية الحقيقية للموجودات [كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ] (القصص:88).
لا بد من معرفة (عملية) الخلق:
وذلك التوجه في النفوس نشأ من التنزّل الخلقي لها، فالله خالق كل شيء، وذلك الخلق له مراتب، وأصل كل شيء هو الله، فالله سبحانه هو الأصل وهو الثابت، وكل شيء سواه هالك لا ذات له في عالم الثبوت، وأصله إلى الله، ولم يزل هذا الفناء في سرّ كل مخلوق لا يمكن لأي أحد أن يثبت لنفسه الثبوت، وكيف يكون أصيلاً وهو يرى الناس تنام وتحيى وتولد وتفنى.
والمرتبة الثانية هو العلم، فالله سبحانه عالم بذاته، وعلمه بذاته ليس بصورة ذهنية أو معلومة خبرية أو استدلال، بل يحتاج المخلوق هذه الآلات فكيف يحتاجها خالقها؟.
وذلك العلم بالذات، هو نفسه الذات في عالم الثبوت، ولكن في عالم الإثبات هو غير الذات، لأن العالِم في عالم الإثبات غير المعلوم، وهو شيء واضح. ولا يمكن في عالم الإثبات طيّ العالم والمعلوم، بل لا يطوى المعلوم والعالم إلا في عالم الثبوت، ويعرف كل شخص ذلك ليس بالتفكيك الحقيقي (الكلي) فقط بل بالنظر إلى الوجدان.
والعلم هو أول ما يتنزل من الذات وهو أول الخلق وعالم الخلق هو عالم الإثبات، ويسمى في الروايات (الحجة)، قال الامام الرضا عليه السلام: (السماوات والأرض قائمتان بالحجة). ..
------
ملاحظة لتقريب مفهوم عالم الثبوت وعالم الإثبات بالمثال، افترض انك مريض ولكن لا يمكنك إثبات مرضك، فأنت في عالم الثبوت شيء وفي عالم الإثبات شيء آخر، ولا يمكن إثبات شيء ليس له ثبوت، كما لا يمكن القول بوجود شيء في عالم الثبوت وليس عليه إثبات. فتأمل
.
للكلام تتمة

الاء الرحمن
10-08-2016, 01:34 PM
ما هو الدين؟
(القسم الثالث)
والعلم بالذات علمٌ بجميع شؤونها، ومن شؤونها ذلك العلم الذي جعلناه عين الذات، فالعلم بالذات علمٌ بالعلم، وهو في عالم الإثبات أيضاً، وهو معرفة النفس التي أكدت عليها الأحاديث الشريفة كثيراً وجعلت معرفة الله متوقفة عليها.
والعلم متقوم بجهتين:
بالمعلوم من جهة، إذ حين تقول أنا علمت، سيقال لك علمتَ بماذا؟ فلا بد من متعلق للعلم.
ومتقوّم بالعالِم، إذ لا يكون هناك علم بدون عالِم.
والمقصود بالتقوّم الثبوت، والعينية وكلها لا تكون إلا بالله سبحانه الذي يقوم العالِم والمعلوم [إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً] (فاطر : 41).
ثم إن بين العالم والمعلوم سرّاً مستودعاً يجعل العالِم يبحث عن المعلوم ليلتقي به، فالعلم في عالم الإثبات يبقى ناقصاً يشعر في ذاته بالقلق؛ لأنه ليس من عالم الثبوت الأصيل، فهناك حبّ للمعرفة والعلم في سرّه يجعله قلقاً حتى يلتقي بالمحبوب.
فيشعر العالم دائماً بنقص ذاته في عالم الإثبات وقصورها عن ذات الله سبحانه.
ويكون هناك خط دقيق فاصل بين جهتين من المخلوق، الجهة التي خلقه الله بها تكون هيمنة وقهارية وإحاطة، والجهة التي ينظر بها المخلوق إلى غير الله، فهو في سره يحمل لمسة العلاقة بالله، ولكنه لا يستطيع أن يقلب قلبه إلى الداخل، لأن شخصيته كلها من عالم الإثبات، والإثبات لا يتحول أبداً إلى ثبوت.
وهناك حبّ في داخله للتوجه إلى الله نشأ من علاقة عالم الثبوت بالإثبات.
....
وللكلام تتمة

منتهاها
10-08-2016, 05:06 PM
جزاك الله خيرا في الدنيا والاخرة
وجعلك الله من المتدينين
وهون عليك حساب يوم الدين

♡ريحانة♡
10-08-2016, 08:03 PM
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد وعجّل فرجهم وألعن عدوهم
بارك الله بكم
تحيآتي

الاء الرحمن
11-08-2016, 04:25 PM
اختي منتهاها
اختي ريحانة
اشكر مروركن العطر
جعلنا الله واياكم من المتدينيين

الاء الرحمن
11-08-2016, 04:27 PM
ما هو الدين؟
(القسم الرابع)
ولكن لما كان جميع ما في عالم الإثبات فقيراً في ذاته وهالكاً في سرّه قلقاً في كيانه صار يبحث عن البقاء والثبوت، ولما كانت معرفة الذات مستحيلة في حدود عالم الإثبات وأي تصور لها بتشبيهها بشخصيات عالم الإثبات لا يزيد المتصوِّر إلا تيهاً، لما استحال معرفة الذات المقدسة، انقلب وجه الكائنات إلى عالم الإثبات، واتخذ ذلك العلم شخصية تناسب عالم الإثبات وفانية بفنائه، وتلك الشخصية تحمل عنوان الفناء الثبوتي، والدلالة الإثباتية: فكانت الأسماء وتشخّصت؛ لأن الاسم هو ما يدل على الذات وهو غير الذات كما هو معلوم.
والاسم من جهة هو معرفة الذات وتكون في نفوس الخلائق، ولكنه في نفسه متنزّل من الذات بالعلاقة التي تصورناها بين عالم الثبوت وعالم الإثبات، فالأشياء كلها أسماء من جهة توجهها إلى الله وتوجه الكائنات بها، ومن جهة هي كلمات الله سبحانه لأنه سبحانه هو الذي أوجدها.
ولما كانت الكائنات تبحث عن الذات المقدسة سبحانه، ولا يمكن لها أن تنطوي على باطنها فتصل منه إلى عالم الثبوت عبر العلاقة التي تنزّلت من عالم الثبوت إلى عالم الإثبات، اتجهت إلى عالم الإثبات لتجمع أسماء المخلوقات وتقرأ كلمات الله، ولكن كثرة القراءة للمخلوقات لا تخرجها من عالم الإثبات، إلا أن تدرك بعد إحصائها بأجمعها أنها فانية، وذلك الإدراك يكون بعد فناء كل شيء من عالم الإثبات، وفناؤه يكون بمعرفته معرفة تامة ثم بعد اختلاط المعلوم بالعالم والاقتراب منه جداً يشعر العالم في سره أنه لا ثبوت له [حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ] (النور:39).
هذا هو الدين، أي هذا التوجه في سرّ الكائنات الذي يعبر بها آفاق عالم الإثبات بدافع من الشعور الباطني الناتج من عالم الثبوت الذي انفرز به المخلوق من الخالق.
وسنقارب معاني هذا الكلام بما جاء في النصوص الدينية.

الاء الرحمن
11-08-2016, 04:28 PM
ما هو الدين؟
(القسم الخامس)
فأول الخلق هو المعرفة أو العقل، كما في الحديث الشريف (أول ما خلق الله العقل، فقال له أقبل فأقبل وقال له أدبر فأدبر) فالعقل هو ما عُرف (عُبد) به الرحمن واكتسب به الجنان، وإقباله هو ما ذكرناه من شوقه في سره إلى الله، وإدبار العقل إدباره إلى عالم الإثبات الذي هو إدبار عن عالم الثبوت.
ويعبر عن المخلوق الأول بنور نبينا محمد (صلى الله عليه وآله)، فهو أول الخلق وأحب الخلق، وهو نور الإيمان في النفوس، ونور العقل الحقيقي. وفي الرواية عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وآله قال: (أول ما خلق الله نوري، ابتدعه من نوره واشتقه من جلال عظمته.. ثم خلق الله العرش واللوح .. ونور الأبصار والعقل والمعرفة وأبصار العباد وأسماعهم وقلوبهم من نوري، ونوري مشتق من نوره)( ).
ثم من ذلك النور الأول اشتقت معرفة النفس كما تقدم، وهو نور علي (عليه السلام) الذي هو نفس الرسول (صلى الله عليه وآله)، ومنه أيضاً كان ذلك السر والمحبة المنطوية في النور التي تدله على الفناء، وهي روحه التي بين جنبيه وهي الزهراء (عليها السلام).
وليس التفكيك الاجتماعي بين النبي والوصي والزهراء (عليهم وآلهم الصلوات والبركات) في المجتمع هو نفسه التفكيك في العالم الأول، إذ نورهم هناك بعضه من بعض كما هو واضح لمن تأمل فيما سبق، ونور النبي (صلى الله عليه وآله) جامع لكل الأنوار.
ثم من نور أهل بيت النبوة اشتُق كل خير، والخير هو معرفة الله والتوجه إليه، وهو الحسن أيضاً، كما فُسّر الإحسان بأن تراقب الله في عملك، أي تكون نيتك وتوجهك إلى الله، وذلك الإحسان هو نور الحسن والحسين، وكل هداية في النفوس هو من نور الأئمة (عليهم السلام).
وقد يَنتفع منهم من لم يعرف أسماءهم كما يُنتفع بالشمس إذا ظللها السحاب، ولكنه إذا عُرضت عليه أسماؤهم في الدنيا فأنكرها فهو ممن أنكرها في عالم النور (الملكوت).
وهذا هو الدين، ومنه اشتق التدين، فالتدين هو التوجه العملي في جميع عوالم الإنسان؛ التوجه إلى الله وقلب الأنانية واستقلالية الشخصية واعتقاد انفصالها ذلك الاعتقاد الذي حصل بسبب الانقطاع إلى عالم الإثبات.
فالدين في القلب نفي الأنانية...
وللكلام تتمة

هامش:
------------------------
(1) بحار الأنوار: ج 25، ص22.

الاء الرحمن
19-08-2016, 09:14 AM
هي مصدر كل الآثام ولا تُنال حقيقة الأخلاق إلا بعد نفي الأنانية. وقلنا أن النور الأول هو معرفة الله، والنور الثاني هو معرفة النفس، ومعرفة النفس تؤدي إلى معرفة فنائها بسبب علاقة خفية بين عالم الثبوت وعالم الإثبات، وتلك العلاقة الخفية هي توجه الله سبحانه إلى عباده وهي التي توجههم إليه عز وجل.
ولا تنفى الأنانية إلا بذلك النور الذي يُشعر النفس أنها فانية وأن وراءها عالم الثبوت، ولا يمكن لإرادتها وقوتها مهما استغرقت عالم الإثبات أن توصلها إلا إلى مشارف الفناء، وتبقى اللمسة التي تنفي الأنانية من الله تعالى، وهي النفخة في الصور حيث يصعق من في السماوات والأرض، فإذا مات الجميع وفنيت جميع العوالم ينادي الجبار [لمن الملك اليوم] فلا يجيبه أحد، فيجيب هو نفسه: [لله الواحد القهار] فلا يبقى من الكائنات إلا أن تستمع، وهو تعبير عن مستوى من مستويات المعرفة التي تكون بالله تعالى حيث يصبح هو عز وجل السمع والبصر والمعرفة.
ويترشح عن نفي الأنانية وإدراك الفناء والقصور تجاه عالم الثبوت: ينتج منها منهج تربوي وعقلي وفقهي.
وعن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: لو وجدت حملة لاستخرجت السنن والشرائع والأخلاق .. (الله الصمد).
والصمدية هي ما قلناه من توجه كل شيء إلى الله تعالى بعد إحراز الفناء والقصور والانقهار (راجع بحثي في كتاب عين الذكر عن كيفية الوصول إلى الاسم [الله الواحد القهار]).
ويمكن من مجموع هذه الأنوار والمعارف استنتاج منطق عقلي يمضي التصديق ويُشعر بالواقعية للدليل الاستنباطي والدليل الاستقرائي والمعرفة بالمحسوسات، ولكننا سنعرض عن هذا المحور، ونوكل القراء إلى كتابنا (مبادئ نظرية الانسجام).
وسنتكلم في كيفية استخراج الأحكام الشرعية من [الله الصمد] أي من الصمدية أو القهارية أو التوحيد...

الاء الرحمن
19-08-2016, 09:15 AM
ما هو الدين؟
(القسم السابع)
وكل الأعمال في الشريعة القصد بها لفت وجه الإنسان إلى الله وتوجيهه نحوه عز وجل.
ففي الولاية، ولاية أهل البيت (عليهم السلام)، ينبغي أن تحب أهل البيت (عليهم السلام) أكثر من نفسك، وقد جعلهم الله سبحانه في أجمل تجلي لكي نحبهم ونفضلهم على أنفسنا فنتجاوز بذلك الأنانية ونخرج من قبر الجسد لنجدهم لحظة الخروج (الموت) شهداء لنا.
وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) في المجتمع الإسلامي الأول في موضع عجيب إذ كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يؤكد على أهميته وضرورة محبته رغم أنه (عليه السلام) كان قد قتل آباءهم المشركين، وتفوق عليهم في كل منقبة، فمن أحبه في ذلك الزمان كان قد قهر كل شؤون أنانيته من حقد وحسد وكِبر، ومن خالفه فقد هوى عن ذلك العلم وخالف الحجة الظاهرة التي عايشها المجتمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وترسخت براهينها فيهم.
وهذا في ظاهر المجتمع، أما في باطن النفس فقد علمنا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو العلم الأول أو المعرفة بالله حق المعرفة، وهو النور الذي هو قبل خلق المكان وبسط الزمان، فهو مركز كل نفس وأول شيء فيها والجزء المركزي الذي تكون منه الحياة والإدراك والعقل، [النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ] (الأحزاب:6).
ويوم القيامة هو يوم تجلي تلك الحقيقة الكبرى المسمى بالحوض المحمدي.
وأمير المؤمنين (عليه السلام) هو النور الذي يهتدي به المؤمنين في كل زمان، ومن نور أهل البيت (عليهم السلام) يدرك المؤمنون فناء هذا العالم وثبوت ما وراءه، ويدركون كل خير، لأن كل خير اشتُق من نورهم، وبنورهم (عليهم السلام) كانت القوة العقلية والإدراكية لآدم (عليه السلام) وأولاده.
ونورهم (صلوات الله عليه وآله) مكتوب على كل شيء ومتوزع على كل شيء لأن كل شيء يحمل اسماً من أسماء الله... وللكلام تتمة إن شاء الله تعالى

الاء الرحمن
19-08-2016, 09:16 AM
ما هو الدين؟
(القسم الثامن)
والصلاة عمود للدين لأن فيها يتم التوجه إلى الله تعالى بجميع عوالم الإنسان، فالنية ينبغي أن تكون خالصة من شوائب الأنانية، والأعمال كلها لله، حتى الخواطر ينبغي أن لا تنشغل بغير الله تعالى.
وغايتها السجود لله تعالى حيث تتضاءل وتختفي الأنانية تماماً، وهو تجلي للفناء الأول، [وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ] (الشعراء:219).
والزكاة يخرج فيها الإنسان عن أنانيته وحرصه على هذه الدنيا.
وكذلك سائر العبادات تتضمن ما يساعد على نفي الأنانية وانقهارها بين يدي الله عز وجل.
وفي الأعمال الاجتماعية مراتب عالية من الخروج من الأنانية حتى الشهوات المعنوية يتركها المؤمن ليخدم عيال الله.
وهكذا حتى يصمد الإنسان بجميع مراتبه إلى الله وحده، وينسجم عالمه مع الكون، ولا سيما إذا حصلت المعونة من عالم الغيب.
تفسير النصوص الدينية وفق التعريف..

الاء الرحمن
21-08-2016, 04:01 PM
ما هو الدين؟
(القسم التاسع)
تفسير النصوص الدينية وفق التعريف المقدم
[بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ] أي أن كل شيء اسم من أسماء الله حتى المؤمن حين يتكلم بالقرآن، وإنما ظهر الاسم بالرحمة التي أخرجته إلى الوجود، وتلك الرحمة سر الحب الداخلي، وغاية هذه العبارة حين يقولها العبد أن يشعر بأنه محض توجه واسم.
[الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ] أي أنه سبحانه الجدير بالحمد وأصل كل خير في النفوس وكل خصلة حسنة في الكائنات اشتقت منه، وجميعها كلماته عز وجل.
[الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ] صفتان للرحمة تشير أولهما إلى سعة الرحمة والثانية إلى تأكيدها، تطمئناً للعبد من هول يوم الدين فسبقت رحمته غضبه.
[مَالِكِ يَومِ الدِينِ] هو يوم القيامة حيث لا تملك نفس لنفس شيئاً، وحين تتبين القهارية التامة، [وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً] (طه : 111).
[إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ] الخطاب بـ[إِيَّاكَ] مقسوم بين الله وبين عبده، فهي في باطنها تلقين من الله للعبد رحمة به، ومن جهة توجه العبد إلى الله عز وجل بالخطاب المباشر، حتى يتجلى المخاطَب بهذه الكلمة وتفنى نفس المخاطِب. وفي هذه الآية طرفي النزول والرجوع.
[اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ] لأن الهداية هذه تكون باللمسة الربانية التي تفني له عالم الإثبات وتعرج به إلى عالم الثبوت، وهو صراط مستقيم لأنه مباشر، ولا شيء أقرب منه، قال تعالى: [وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ] (ق:16).
[صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ] وهو صراط محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم، صراط مباشر مستقيم في داخل كل نفس، وإذا تجلى في نفس العبد أوصله إلى يوم الدين والمعرفة الحقيقية بالله تعالى، وهم (صلوات الله عليهم) مجرد توجه ومعرفة توجّه العالمين إلى الله ولا تكون حاجبة عن المعروف عز وجل، ومنه فُسّرت الآيات التي تذكر وجه الله تعالى وتصفه بالبقاء لأنه متنزل من عالم الثبوت، بل أول ما تنزل منه.
وقوله تعالى: [فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ] (العنكبوت : 65) ومثلها آيات أخر.
مخلصين له الدين أي التوجه التام في دعائهم لله.
وقوله تعالى: [فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ] (الروم : 30) وهو ما يؤكد ما ذكرناه من أن الدين شيء في تكوين الناس بل هو أول الفطرة والخلق، وهو ما ينبغي أن يعلمه الناس، وفي سورة يوسف وصفت شرحت الآيات ما هو الدين القيم وهو قوله تعالى: [يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ؟ .. إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ] (يوسف:39-40).
والتسليم أو الإسلام من تطبيق الدين؛ لأنه هو التوجه التام، [إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ] (آل عمران:19) والتسليم التام يقتضي الإيمان والاتباع للشريعة الخاتمة.
وقوله تعالى: [قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ] (الأعراف : 29) والقسط هو عدم الحيود عن طريق الحق، وإقامة الوجه في السجود صارت معروفة مما سبق، وهو الإخلاص في الدين، ذلك الدين الذي هو بدء كل شيء ونهايته، وهو نور الحقيقة المحمدية الأولى التي اشتُق منها كل شيء.
وقوله تعالى: [وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ] (البقرة:193) تفسيرها أعم من عدم الفتنة في صعيد المجتمع، بل تشمل التوجه النفسي التام حيث لا يخطر في النفس غير الله ولا يفتنها شيء عن التوجه إليه عز وجل.
وقوله تعالى: [لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ..فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا ] (البقرة : 256) فالدين هو التمسك بالعروة الوثقى وهم أهل البيت (عليهم السلام)، والتمسك بهم اجتماعياً معروف، وأما التمسك بهم في عالم النور فهو بالتوجه إلى الله تعالى، وهناك روايات تؤكد ذلك منها روايات التمسك بالحِجزة حجزة النور، والشفاعة وغيرها، مما يمكن تطبيقها في عالم النور على كل هداية..
وقوله تعالى: [إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ] (التوبة:36) فُسّرت الشهور بالأئمة (عليهم السلام)، إما على سبيل الكناية والإشارة، وإما لأن الأئمة (عليهم السلام) هم باطن الزمان والمكان ونورهم أصل الخلق، وإما لوجوه أخرى.
وقوله تعالى: [وَلَهُ مَا فِي الْسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ اللّهِ تَتَّقُونَ] (النحل : 52) ينطبق التعريف على مفردة الدين هنا بما لا ينسجم معها غيره، فتوجه من في السماوات والأرض لله وحده.
وقوله تعالى: [وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ، .. يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ] (الانفطار: 17، 19) وهو تفسير ليوم الدين بأنه يوم تتقطع فيه الروابط ويتضح فناء عالم الإثبات.
وقوله تعالى: [وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ] (البينة : 5) كذلك.
أما من الروايات، فالنصوص التي تشير إلى هذا المعنى من الدين كثيرة
...
وللكلام بقية

الاء الرحمن
21-08-2016, 04:03 PM
ما هو الدين؟
(القسم التاسع)
تفسير النصوص الدينية وفق التعريف المقدم
[بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ] أي أن كل شيء اسم من أسماء الله حتى المؤمن حين يتكلم بالقرآن، وإنما ظهر الاسم بالرحمة التي أخرجته إلى الوجود، وتلك الرحمة سر الحب الداخلي، وغاية هذه العبارة حين يقولها العبد أن يشعر بأنه محض توجه واسم.
[الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ] أي أنه سبحانه الجدير بالحمد وأصل كل خير في النفوس وكل خصلة حسنة في الكائنات اشتقت منه، وجميعها كلماته عز وجل.
[الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ] صفتان للرحمة تشير أولهما إلى سعة الرحمة والثانية إلى تأكيدها، تطمئناً للعبد من هول يوم الدين فسبقت رحمته غضبه.
[مَالِكِ يَومِ الدِينِ] هو يوم القيامة حيث لا تملك نفس لنفس شيئاً، وحين تتبين القهارية التامة، [وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً] (طه : 111).
[إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ] الخطاب بـ[إِيَّاكَ] مقسوم بين الله وبين عبده، فهي في باطنها تلقين من الله للعبد رحمة به، ومن جهة توجه العبد إلى الله عز وجل بالخطاب المباشر، حتى يتجلى المخاطَب بهذه الكلمة وتفنى نفس المخاطِب. وفي هذه الآية طرفي النزول والرجوع.
[اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ] لأن الهداية هذه تكون باللمسة الربانية التي تفني له عالم الإثبات وتعرج به إلى عالم الثبوت، وهو صراط مستقيم لأنه مباشر، ولا شيء أقرب منه، قال تعالى: [وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ] (ق:16).
[صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ] وهو صراط محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم، صراط مباشر مستقيم في داخل كل نفس، وإذا تجلى في نفس العبد أوصله إلى يوم الدين والمعرفة الحقيقية بالله تعالى، وهم (صلوات الله عليهم) مجرد توجه ومعرفة توجّه العالمين إلى الله ولا تكون حاجبة عن المعروف عز وجل، ومنه فُسّرت الآيات التي تذكر وجه الله تعالى وتصفه بالبقاء لأنه متنزل من عالم الثبوت، بل أول ما تنزل منه.
وقوله تعالى: [فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ] (العنكبوت : 65) ومثلها آيات أخر.
مخلصين له الدين أي التوجه التام في دعائهم لله.
وقوله تعالى: [فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ] (الروم : 30) وهو ما يؤكد ما ذكرناه من أن الدين شيء في تكوين الناس بل هو أول الفطرة والخلق، وهو ما ينبغي أن يعلمه الناس، وفي سورة يوسف وصفت شرحت الآيات ما هو الدين القيم وهو قوله تعالى: [يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ؟ .. إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ] (يوسف:39-40).
والتسليم أو الإسلام من تطبيق الدين؛ لأنه هو التوجه التام، [إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ] (آل عمران:19) والتسليم التام يقتضي الإيمان والاتباع للشريعة الخاتمة.
وقوله تعالى: [قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ] (الأعراف : 29) والقسط هو عدم الحيود عن طريق الحق، وإقامة الوجه في السجود صارت معروفة مما سبق، وهو الإخلاص في الدين، ذلك الدين الذي هو بدء كل شيء ونهايته، وهو نور الحقيقة المحمدية الأولى التي اشتُق منها كل شيء.
وقوله تعالى: [وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ] (البقرة:193) تفسيرها أعم من عدم الفتنة في صعيد المجتمع، بل تشمل التوجه النفسي التام حيث لا يخطر في النفس غير الله ولا يفتنها شيء عن التوجه إليه عز وجل.
وقوله تعالى: [لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ..فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا ] (البقرة : 256) فالدين هو التمسك بالعروة الوثقى وهم أهل البيت (عليهم السلام)، والتمسك بهم اجتماعياً معروف، وأما التمسك بهم في عالم النور فهو بالتوجه إلى الله تعالى، وهناك روايات تؤكد ذلك منها روايات التمسك بالحِجزة حجزة النور، والشفاعة وغيرها، مما يمكن تطبيقها في عالم النور على كل هداية..
وقوله تعالى: [إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ] (التوبة:36) فُسّرت الشهور بالأئمة (عليهم السلام)، إما على سبيل الكناية والإشارة، وإما لأن الأئمة (عليهم السلام) هم باطن الزمان والمكان ونورهم أصل الخلق، وإما لوجوه أخرى.
وقوله تعالى: [وَلَهُ مَا فِي الْسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ اللّهِ تَتَّقُونَ] (النحل : 52) ينطبق التعريف على مفردة الدين هنا بما لا ينسجم معها غيره، فتوجه من في السماوات والأرض لله وحده.
وقوله تعالى: [وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ، .. يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ] (الانفطار: 17، 19) وهو تفسير ليوم الدين بأنه يوم تتقطع فيه الروابط ويتضح فناء عالم الإثبات.
وقوله تعالى: [وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ] (البينة : 5) كذلك.
أما من الروايات، فالنصوص التي تشير إلى هذا المعنى من الدين كثيرة
...
وللكلام بقية

الاء الرحمن
21-08-2016, 04:04 PM
ما هو الدين؟
(القسم العاشر)
أما من الروايات، فالنصوص التي تشير إلى هذا المعنى من الدين كثيرة.
منها: ما في الغيبة للنعماني، قال: أخبرنا عبد الواحد، عن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن الحسن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم جالساً ومعه أصحابه في المسجد، فقال: يطلع عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة يسأل عما يعنيه، فطلع رجل طوال يشبه برجال مضر، فتقدم فسلم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجلس، فقال: يا رسول الله إني سمعت الله عز وجل يقول فيما أنزل: [واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا] فما هذا الحبل الذي أمرنا الله بالاعتصام به وألا نتفرق عنه؟
فأطرق رسول الله (صلى الله عليه وآله) ملياً، ثم رفع رأسه وأشار بيده إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقال: هذا حبل الله الذي من تمسك به عصم به في دنياه ولم يضل به في آخرته، فوثب الرجل إلى علي (عليه السلام) فاحتضنه من وراء ظهره وهو يقول: اعتصمت بحبل الله وحبل رسوله، ثم قام فولّى وخرج. فقام رجل من الناس فقال: يا رسول الله ألحقُه فأسأله أن يستغفر لي؟
فقال رسول الله: إذا تجده موفقاً،
فقال: فلحقه الرجل فسأله أن يستغفر الله له، فقال له: أفهمت ما قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وما قلت له؟ قال: نعم، قال: فإن كنت متمسكاً بذلك الحبل يغفر الله لك وإلا فلا يغفر الله لك( ).
وفي تفسير القمي: الحبل: التوحيد والولاية( ).
وفي تفسير العياشي: آل محمد حبل الله المتين الذي أمر الله بالاعتصام به، فقال: [واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا]( ).
وفي الأمالي عن الصادق (عليه السلام): نحن الحبل( ).
وفي تفسير العياشي أيضاً عن الباقر (عليه السلام): آل محمد (صلوات الله عليهم) هم حبل الله المتين الذي أمر بالاعتصام به فقال [واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا]. وعن الكاظم (عليه السلام) علي بن أبي طالب (عليه السلام) حبل الله المتين.
وعنه العياشي عن الكاظم (عليه السلام) في قوله تعالى: [يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم] قال: إلا وأنتم مسلمون لرسول الله ثم الإمام من بعده.
وعنه أيضاً ، عن أبى بكر الكلبي عن جعفر عن أبيه عليهما السلام في قوله: [ادخلوا في السلم كافة] هو ولايتنا( ).
وفي الكافي في تفسير الآية [ادخلوا في السلم كافة] قال: وروى جابر عن أبى جعفر عليه السلام قال: السلم هو آل محمد أمر الله بالدخول فيه، وهو حبل الله الذي أمر بالاعتصام به قال الله: [واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا]( ).
. 13 - محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن فضالة بن أيوب، عن أبان، عن عبد الله بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: أعرض عليك ديني الذي أدين الله عز وجل به؟ قال: فقال: هات قال. فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله والاقرار بما جاء به من عند الله وأن عليا كان إماما فرض الله طاعته، ثم كان بعده الحسن إماما فرض الله طاعته، ثم كان بعده الحسين إماما فرض الله طاعته، ثم كان بعده علي بن الحسين إماما فرض الله طاعته حتى انتهى الأمر إليه، ثم قلت: أنت يرحمك الله؟ قال: فقال: هذا دين الله ودين ملائكته.
وقد تبين لكم كيف تكون ولاية أهل البيت (عليهم السلام) من الدين، لأن نورهم (سلام الله عليهم) هو الذي يوجه النفوس إلى الله وهم أركان الإيمان أو أركان المؤمنين ومن نورهم اشتُق كل خير، وتوجد نصوص كثيرة يمكن تفسيرها وفق هذا الترتيب.

الاء الرحمن
22-08-2016, 10:04 PM
ما هو الدين؟
(القسم الحادي عشر)
مواءمة التعريف مع معطيات العلوم الأخرى
يتفق هذا التعريف مع معطيات الفلسفة الإلهية في عدة أمور، فالمعرفة الأولى التي هي عين الذات ثبوتاً تسمى الصادر الأول، وقد علمنا كيفية الصدور فيما تقدم، وقد تسمى بالعرش، أو التوحيد الكامل، أو العقل الأول، وقد تسمى بالشمس التي لا يدور في فلكها معرفة غيرها.
أما معرفة النفس، أو معرفة العلم الأول بشخصيته، فهو الصادر الثاني، أو العقل الثاني، أو الفلك الأول الذي تدور في فلكه جميع المعارف المتعرفة بمعرفة النفس.
ومنه تتعدد الصوادر، وتتنزل الأفلاك، فلك عطارد (إدريس) الذي يكون منه الذكاء، وفلك زحل الذي تكون منه الأشياء العجيبة، وفلك المشتري والمريخ..، وصولاً إلى الفلك الأدنى فلك القمر الذي تتنزل منه الصور الذهنية للموجودات الخارجية.
وتوجد اختلافات في ترتيب ومسميات الأفلاك، وهي تعبر عن مستويات المعرفة في النفس، وذلك أن الإنسان المتأمل يرى في نفسه أن هناك اختلافات في أنواع المعارف والأفكار.
ولعله كان يُعتقد قديماً أن للأفلاك السماوية ارتباطاً ببث المعرفة في النفوس، وأن نفس الإنسان مرتبطة بالسماء الخارجية..
ومع معرفة النفس تتوضح واقعية كل شيء وتتدرج النفس في العروج، ولكن المهم هو المرتبة الأخيرة التي تنتفي فيها الأنانية، وقد تتحقق في بداية الطريقة لمن أحب أهل البيت (عليهم السلام) أكثر من نفسه فيكون مستعداً لطي جميع الأفلاك والعوالم حتى ولو كان ذلك بعد الموت، وهذا هو سر الولاية التي تشفع لصاحبها وتوفر له الدافع الذي لا يقف بصاحبه عن السير.
وتنطبق هذه الرؤية للدين مع العلم الحديث، إذ مع معطيات ميكانيكا الكم وتأثير الوعي والمراقبة على الواقع وصل بعض العلماء إلى أن هذا الكون المحيط بها إنما هو ممكن الوجود وكونه مثل كون الاحتمالات التي يمضيها الوعي والمراقبة، وذلك الوعي كما عرفنا هو نور الإمام المشتق من نور النبي المشتق من نور الله كما قاربناه مع حديث الحِجزة عن الأئمة (عليهم السلام) قالوا: يأتي شيعتنا يوم القيامة وهم آخذون بحجزتنا، ونحن آخذون بحجزة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ورسول الله آخذ بحجزة الله، والحجزة من نور.
وقيل في العلم الفيزيائي أن الوعي هو الذي سبب الانفجار العظيم حينما كان الكون في مستوى بلانك، بالسببية العكسية التي تؤثر باتجاه زماني عكسي، وقالوا أن الكون خُلق بتأثير وعينا، وأن الكون خُلق لينتُج وعينا، في علاقة فوق زمانية عجيبة.
وهم يأملون بالوصول إلى النظرية الشاملة التي تفسر كل شيء وتسمح بتأثير الوعي حتى على الثوابت الكونية والزمكان، وهي نظري أم كما يسمونها (M-Theory) تلك النظرية الأكثر أساسية.. ويبدو أنه لا أحد يعرف ما ترمز له M قد تكون من سيّد أو معجزة أو غيب (لغز) Master, Miracle, Mestry ويعنون بالسيد الوعي الذي يكون مؤثراً وفاعلاً بالكون غاية التأثير حتى يكون مهيمناً على الكون بأجمعه، والمعجزة يعني إمكانية الوعي تغيير كل شيء في الكون ابتداءً من النقطة الأولى والزمان والمكان والقوانين الكونية.
وهي مقاربة هائلة بين العلم الحديث ومعطيات الروايات الشريفة التي جعلت الوعي النور سابقاً للكون وفاعلاً فيه، وما ذُكر من مقامات أهل البيت (عليهم السلام) في الزيارة الجامعة وغيرها مثل قولهم (خلقكم الله أنوار فجعلكم بعرشه محدقين حتى مَنّ علينا بكم فجعلكم في بيوت أذن الله أن ترفع ويُذكر فيها اسمه..) في إشارة إلى ما ورد في الآيات من سورة النور بعد آية النور [الله نور السماوات والأرض مثلُ نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب درّي يوقد من شجرة مباركة زيتونة... نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم، في بيوت أذن الله أن ترفع].
وآية النور توجد روايات قيمة في تطبيقها على نور الإيمان في قلب المؤمن وروايات في تسمية معاني المشكاة والمصباح والزجاجة والشجرة بأسماء أهل البيت (عليهم السلام)، مما يعد ثروة حقيقية في معرفة النفس، ليس كالمعرفة الفلسفية الاستدلالية بل بالإشارة إلى أعيان المعرفة وشخوصها في النفس.
فالوعي الذي هو مصدر كل وعي وكل خير والمراقبة التي لها الفاعلية العظيمة في الكون هو الإمام الغائب عجل الله فرجه، حيث يحيط نوره بما في السماوات والأرض ويمضي بوعيه كل ما يتم تقديره في ليلة القدر.

الاء الرحمن
22-08-2016, 10:06 PM
ما هو الدين؟
(القسم الأخير)
مناقشات في التعريف
ويواجه هذا التعريف للدين مناقشات عديدة، منها بالنقض عليه بموارد ذكرت فيها مفردة الدين، وبالتعاريف الشائعة للدين، وبتعدد الأديان، وهل أن هذا التعريف يخص كلي الدين أم هو خاص بالإسلام، وغيرها من الإشكالات التي سنجيبها جملة.
إذ أن الدين في الواقع واحد [إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ.. ] ليس هناك تعدد في الأديان في الحقيقة [عِنْدَ اللَّهِ].
وقال تعالى: [شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ] (الشورى:13)، وشرع لكم أي فتح لكم من الدين والشريعة في اللغة هو المكان السهل من ضفة النهر التي يمكن لمن أراد أن يستقي أو يشرب أن يرد النهر منها، وهذه الآية تدل على وحدة الدين ووحدة التوصيات للأنبياء ككل.
وقال تعالى: [إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ] (الأنبياء : 92).
وقال تعالى: [وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ] (البقرة:132).
فالدين هو شيء واحد في الناس، وهو الإسلام والتوجه إلى الله والتسليم لأمره في ظاهر المجتمع وفي الأسرة ومع النفس وفي جميع مراتب الإنسان، حتى يصل التسليم إلى التنازل عن الأنانية تماماً.
وأما الديانات الباطلة التي عرفتها الشعوب، فهي ديانات منحرفة، ولكنها تتفق مع تعريفنا للدين بأنها بقيت معبرة عن علاقة الإنسان بالله تعالى وتوجهه إليه سبحانه، وإن اختلفوا في صفات الله وأفعاله.
ومن هنا فإن أي تعريف لكليّ الدين ينبغي أن يؤخذ من معرفة صفات جزئي الدين، وقد عرفنا أن الجزء المشترك في الدين هو التوجه إلى الله، وإنما نحن عمّقنا النظر إلى التوجه وجعلناه شيئاً تكوينياً في النفوس واستدللنا عليه بالنصوص الدينية.
أما التعاريف المتأتية من خارج الدين ممن لا يؤمنون بالله فلا يحق لهم تعريف الدين وفق وجهة نظرهم ثم النقض علينا به؛ لأن أهم أساس يفرق أشكال الثقافات هو الإيمان بالغيب والاختلاف فيها يجعل أغلب أسس التعاريف مختلفة.
وأما تعريف الدين بأنه المنهج الحياتي المأخوذ من الأنبياء، فهذا صحيح، ونحن قلنا أن هذا المنهج كما له نصوص تدل عليه كذلك هناك أشياء تكوينية تقود الناس في سبيله [وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ] (الرعد:7)؛ لأن محبة الله التي اقتضت إنزال الكتب اقتضت كذلك خلق النور والمعرفة في النفوس ووضع التوحيد في فطرة كل كائن، كما في قوله تعالى: [وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ] (الحجرات : 7) وقوله تعالى: [وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً] (لقمان:20).
وأما الموارد التي ذُكر فيها الدين فهي:
قوله تعالى: [كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ] (يوسف:76) فقد قيل إنها تعني في قانون الملك أو نظامه وحكمه، فالدين إذن هو القانون.
ويرد عليه أننا لا يمكننا نفي أن تكون لملك مصر يومها ديانة معينة، فلعل له ديانة اشتقت منها تلك القوانين التي تعاقب على السرقة، ونجد أن نسوة مصر حين رأين يوسف (عليه السلام) [أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَراً إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ] (يوسف:31)، فهم كانت لديهم معرفة بالله وبالملائكة ولم يكونوا وثنيين تماماً.
وقيل بأن الدين هو الأخلاق لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المرءُ على دينِ خليله .. فلينظر أحدكم من يخالِلِ) ويجاب عليه بنفس الجواب السابق، مع احتمالية المجاز في اللغة.
وقيل بأن الدين بمعنى القيامة أو الآخرة، وهو لا يتنافى مع تعريفنا؛ لأن في يوم القيامة يتوجه الناس إلى الله [وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ] (طه:111) تكوينياً ومعرفةً إن جاز الاختلاف بين التكوين والمعرفة، والمعرفة لدينا مخلوقة كما في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (فاعلم أن المعرفة من الله عز وجل في القلب مخلوقة، .. وليس للعباد فيهما صنع، ولهم فيهما الاختيار والاكتساب، فبشهوتهم للإيمان اختاروا المعرفة، فكانوا بذلك مؤمنين عارفين..). وقد تشابه الأمر على البعض فظن أن القول بعينية المعرفة وشخصيتها القول بتشخّص الاعتباريات ولعله يرى أن المعرفة اعتبارية أو عرضية، وهو كما ترى، وإنما نتج من التقسيم اليوناني للأشياء أنها إما جوهر وإما عرض وأن الجوهر هو الشيء القائم بنفسه والعرض هو القائم بغيره، والقول بوجود ذات وذاتيات للأشياء، وأقل ما يقال عليه أنه لا دليل عليه وأنه من متابعة الفلاسفة اليوانيين قبل تمحيصه وعرضه على ميزان المفاهيم الدينية التي جعلت لبعض (الأعراض) شخصية فكانت للصلاة شخصية تشفع فيها وتخاطب مؤديها رغم أنها في هذا العالم أعراض وحركات وأقوال، ولم تجعل لشيء من عالم الإثبات ذاتاً مستقلة، رغم العنوان والاسم الذي يعبر عنه، فكلها كلمات ومعارف فانية بفناء عالم الإثبات في إزاء عالم الثبوت، فكيف يمكن أن تكون لها ذاتيات وكلها خاضعة للبداء في شخصياتها، إلا اللهم إذا ما عنوا بالذاتيات ما تقتضيه تلك الشخصية في عالم الإثبات والعنوان الذي لا يُنتزع من خصائص ذلك الشيء من حيث كونه اسماً لله من حيث جعله الله اسماً وكلمة.
وقيل بأن الدين هو الإسلام لقوله تعالى: [إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ..] وهو لا يخالف تعريفنا، لأن الإسلام أعم من العنوان الاجتماعي المبتني على النطق بالشهادتين، بل يشمل جميع الكون؛ قال تعالى: [أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ] (آل عمران : 83) وقال تعالى: [ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ] (فصلت : 11). فالكل مطيع لله والكل على هذا الدين والكل يسبح لله تعالى ويأخذ تسبيحه من ذلك الجزء المركزي في النفوس الذي هو أساس الفطرة: [وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ، وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ] (الصافات:165-166).
وقال الإمام الرضا (عليه السلام).
والحمد لله لهدايته لدينه والتوفيق لما دعا إليه من سبيله.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
اكتمل هذا البحث نشر هذا البحث، ونشرناه في الصفحة الشخصية إلا الجزء الخاص بالمقارنة والاختلاف بينه وبين نظرية وحدة الوجود، ومقولة اتحاد العلم والعالم والمعلوم، فقد ارتأينا عدم نشرها.