المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : انصاف العدو عند الامام الرضاع


النور الفاطمي
16-04-2010, 02:37 PM
http://www.alradhy.com/images/pointbf_16.gif إنصاف العدو عند الإمام الرضا عليه السلام http://www.alradhy.com/images/point_14.gif
10 / 5 / 1426 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى :{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } النحل /90 .
لا أريد أن أتحدث عن مفاهيم هذه الآية ومعطياتها ففيها أبحاث جليلة وعظيمة ، ولا مجال للحديث عن ذلك ، والذي أريد أن أقوله وأتحدث عنه هو ( العدل ) المساوي للإنصاف وفسر العدل به في بعض النصوص .
والإنصاف
والنَّصَفَة : اسم الإنصاف وتفسيره [ أن تعطيه من نفسك النِّصْف ] أي تعطي من نفسك ما يستحق من الحق كما تأخذه .[1]
والإنصاف : كلمة لطيفة ولها نغمة وجرس خاص ويسعى كل واحد من البشر إليها ويترنم بها بل وكل المجتمعات تتطلع من حكوماتها والمسؤولين عليها أن تطبقها وتحقق أهدافها ويحلو لأفراده أن يسود هذا المفهوم ، ولكن سرعان ما تتحول هذه الكلمة إلى كابوس تجثم على صدر من يطلب منه الإنصاف في حق الآخرين حاكماً كان أو محكوماً عالماً كان أو جاهلاً رجلاً كان أو امرأة زوجاً أو زوجة ، والذي يراد إنصافه لا يفرق فيه بين أن يكون قريباً أم بعيداً ، صديقاً أم عدواً أو من سائر أفراد الشعب ، وتنقلب الحالة إلى شيء لا يريد المطلوب منه أن يسمعه ، ولا يفكر فيه ، وتزداد هذه الحالة أزمة ونفرة فيما إذا كان الطرف الآخر عدواً شخصياً أو دينياً أو سياسياً أو اجتماعياً أو لأي سبب آخر له فإن إنصافه والعدل معه لا يمكن أن يمر على ذهن المطلوب منه حتى في عالم التصور والخيال فضلا عن الخارج والتصديق ، وتنساق هذه الحالة وتجري إلى مختلف الطبقات حتى التي ترفع شعار العدل والإنصاف والحرية والرأي والرأي الآخر فكل ذلك ينكسر على صخرة التطبيق العملي للعدل والإنصاف ، وكأنما الدنيا لم تقم إلا على الظلم والعدوان .
وهنا لا نريد أن نكون متشائمين ونجعل الدنيا سوداء وإن كانت كذلك ، ولا نريد أن نسجل نقاط ضعف على الآخرين وانتقادهم ، وإنما نريد أن نكشف أن العدل وإنصاف الأعداء والخصوم انعدم حتى لم يبق له أثر في الخارج إلا من أناس قد ضربوا المثل الأعلى في هذا الجانب ويحدثنا عنهم التاريخ حينما حملوا لواء الإسلام خفاقاً في أرجاء المعمورة وأنصفوا أعدائهم بمقدار ما أنصفوا به أحباءهم وأولياءهم فهم يرون القريب والبعيد والصديق والعدو والضعيف والقوي والغني والفقير والرئيس والمرؤوس كلهم في العدل والإنصاف سواء .
ومن هؤلاء الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام الإمام الثامن من أئمة الهدى عليهم السلام .
فهو في الأخلاق والصفات الحميدة قد اتصف بأعلاها وأسناها حتى فاق أهل زمانه ولم يلحقه أقرانه وتاريخه حافل بذلك .
ولكن الإمام الرضا عليه السلام وبقية أئمة الهدى عليهم السلام لم يقفوا عند هذا الحد من الإنصاف والعدل بل تعدوه إلى معاملة أعدائهم وخصومهم وظالميهم والذين لاقوا منهم المصائب والويلات وأنواع العذاب وما ترك أعداؤهم في الإساءة إليهم شيئاً يتمكنون أن يفعلوه إلا وقد مارسوه ضدهم .
ومع هذا كله فإن هؤلاء العظماء وقفوا من أعدائهم موقفاً مشرفاً اتسم بالنبل والعدل والإنصاف حتى ضربوا المثل الأعلى في الإحسان والعدل والإنصاف ، واعترف لهم أعداؤهم بذلك .
خلق الإسلام هو الإنصاف
إن حالة الإنصاف للعدو هو مفهوم إسلامي دعا إليه القرآن الكريم بقوله تعالى : {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ } فلم يكن الإنصاف حتى للعدو أمراً مستحسناً فحسب بل هو أمر واجب يعاقب على تركه وبالأخص في جانب الحكم بين الطرفين أو الأطراف الأخرى لذلك قال تعالى {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} النساء /58 .
فعداوة الأعداء لأي سبب كان لا يبرر ظلمهم وعدم إنصافهم .ومن يتنكر لهذا المفهوم الإسلامي لا يعدو أن يكون بعيداً عن أخلاق الإسلام وسيرة أهل البيت عليهم السلام .
منهج أهل البيت منهج الإسلام
إن أهل البيت عليهم السلام لم يأتوا بشيء جديد خارج عن الإسلام بل كل ما جاؤوا به أن عرضوا الإسلام ومثلوه وأبرزوا مفاهيمه بكل صدق وأمانة وطبقوها على أنفسهم قبل أن يأمروا غيرهم بها ، إن حالة الإنصاف للعدو هو مفهوم إسلامي حرص أئمتنا على تطبيقه مع أعدائهم وأوصوا أتباعهم والموالين لهم وبقية المسلمين أن يتعاملوا مع أعدائهم بتلك المفاهيم السامية التي طرحها الإسلام .
وهذا كله لا يتعارض مع أحكام الجهاد وأعدوا لهم من قوة كما جاء في القرآن الكريم بقوله تعالى : {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} الأنفال /60 .
فكل له مجاله وموضوعه الخاص به ففي الجانب الخلقي ففي الأعلى والقمة منه وإذا أحد اعتدى عليه وأراد أن يحاربه ويحتل بلاد المسلمين ويخرب عقائدهم ويستعمرهم فهو يقف ضدهم ويدافع عن الإسلام والمسلمين بكل قوة .
الحث على الإنصاف
وفي مقام المجتمع وتربيته حث أهل البيت على الإنصاف وأنه في مقدم الفضائل العالية بل وأفضلها كما في قول أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام : ( الإنصاف أفضل الفضائل ) [2]
منهج الإمام الرضا عليه السلام إنصاف أعدائه
الإمام الرضا عليه السلام يوضح لنا منهجه ومنهج أهل بيته الأئمة الأطهار في إنصافهم لأعدائهم ففي حديث صحيح تقدم أن الإمام الرضا عليه السلام : قال لأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي أحد أصحابه الثقات المعتمدين في حديث طويل جاء في ضمنه :
( ..... وَ إِيَّاكَ وَ مُكَاشَفَةَ النَّاسِ .فَإِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ : نَصِلُ مَنْ قَطَعَنَا وَ نُحْسِنُ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْنَا فَنَرَى وَ اللَّهِ فِي ذَلِكَ الْعَاقِبَةَ الْحَسَنَةَ ) .
إن من يسيء لأهل البيت عليهم السلام بأي نوع من أنواع الإساءة مع القصد والعمد والالتفات يعتبر من أعدائهم مهما كانت مبرراته فالإمام الرضا عليه السلام يؤكد أنهم عليهم السلام كانوا يصلون من قطعهم ولا يقتصرون على إنصافهم وإعطائهم حقوقهم فحسب بل يتجاوزون ويحسنون إلى أعدائهم المسيئين إليهم والعارفين بإساءتهم ، والإحسان أكثر من الإنصاف الذي هو إعطاء الحقوق ، وينبه الإمام في بداية كلامه من هذا المقطع وآخره على أمرين مهمين :
الأمر الأول : إلى عدم كشف عيوب الآخرين - وإن كنت تختلف معهم في الفكر والرأي ويصبح لك خصماً - وتتلذذ بنشرها فإن ذلك قد يعود بالضرر عليك قبل الآخرين فقال ( إياك ومكاشفة الناس ). والمراد بالناس هم المخالفون في الرأي والعقيدة والمذهب .
الأمر الثاني : إنصاف العدو :
إن إنصاف الأعداء والإحسان إليهم في الحقيقة يعود بالنفع على فاعله وعلى الجهة التي ينتمي إليها والإمام يؤكد :
1- أنهم عليهم السلام ما أحسنوا لمن أساء إليهم إلا ورأوا العافية الحسنة في دينهم ودنياهم.
2- إن من سمات المؤمنين هو إنصافهم لأعدائهم كما عن - الإمام علي عليه السلام : ( المؤمن ينصف من لا ينصفه )[3] .
3- إن إنصاف الأعداء يدل على ملكة العدل عند فاعله بدرجة كبيرة كما عن أمير المؤمنين عليه السلام : ( أعدل الناس من أنصف من ظلمه )[4] .
4- يدل على فضل فاعله وأن يحمل في طياته المكرمات فقد جاء عن الإمام علي عليه السلام : ( إن من فضل الرجل أن ينصف من نفسه ، ويحسن إلى من أساء إليه )[5] .
إنصاف العدو والإحسان إليه
إن أعلى درجات الكمال هو أن ينصف الإنسان عدوه من نفسه وهذه هو غاية الإنصاف كما عن أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام : ( غاية الإنصاف أن ينصف المرء نفسه )[6] .
وفي رواية أخرى أن مثل هكذا عمل هو من أفضل الإيمان وأعلى درجاته فقد جاء عن أمير المؤمنين عليه السلام : ( إن أفضل الإيمان إنصاف الرجل من نفسه )[7] .
وعنه عليه السلام : ( أنصف الناس من أنصف من نفسه من غير حاكم عليه ) [8] .
وعن الإمام الصادق عليه السلام : ( من أنصف الناس من نفسه رضي به حكما لغيره ) [9] .
و قال محمود الوراق في الإحسان والإنصاف للعدو حتى يصل إلى مرحلة التعطف عليه وأن يرحمه لظلمه :
إني شكرت لظالمي ظلمي وغفرت ذاك له على علــم‏
و رأيته أهدى إلي يــدا لمـا أبان بجهلـه حلـمـي
رجعت إساءته عليـه و إحساني فعاد مضاعف الجرم
و غدوت ذا أجر و محمدة و غدا بكسب الظلم و الإثم
فكأنما الإحسـان كان له و أنا المسي‏ء إليـه في الحكم‏
ما زال يظلمـني و أرحمه حتى بكيـت لـه من الظلم
قال المبرد أخذ هذا المعنى من قول رجل من قريش .
قال له رجل منهم : إني مررت بآل فلان و هم يشتمونك شتما رحمتك منه
قال أ فسمعتني أقول إلا خيرا؟
قال : لا .
قال : إياهم فارحم . [10]
إن مثل هذا الموقف يعد من مكارم الأخلاق التي مدح الله نبيه صلى الله عليه وآله عليه {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} القلم /4 .
حقيقة الإنصاف
أن تعطي الناس ما تحب أن تعطاه
ففي الحديث الصحيح عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (ع) قَالَ : قَالَ : ( التَّوَاضُعُ أَنْ تُعْطِيَ النَّاسَ مَا تُحِبُّ أَنْ تُعْطَاهُ )[11]
وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ : قُلْتُ مَا حَدُّ التَّوَاضُعِ الَّذِي إِذَا فَعَلَهُ الْعَبْدُ كَانَ مُتَوَاضِعاً فَقَالَ : ( التَّوَاضُعُ دَرَجَاتٌ :
مِنْهَا أَنْ يَعْرِفَ الْمَرْءُ قَدْرَ نَفْسِهِ فَيُنْزِلَهَا مَنْزِلَتَهَا بِقَلْبٍ سَلِيمٍ لَا يُحِبُّ أَنْ يَأْتِيَ إِلَى أَحَدٍ إِلَّا مِثْلَ مَا يُؤْتَى إِلَيْهِ إِنْ رَأَى سَيِّئَةً دَرَأَهَا بِالْحَسَنَةِ كَاظِمُ الْغَيْظِ عَافٍ عَنِ النَّاسِ وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )[12]
فكما أن الإنسان يكره أن يُظلم ويتعدى عليه أحد ، ويحب أن يكرم ويحترم ولا أحد يستغيبه ويثلبه فكذلك يجب أن يعامل الآخرين كما يجب أن يعامل .
بل إن نظام الدين قائم على العدل والإنصاف كما عن أمير المؤمنين عنه عليه السلام : ( نظام الدين خصلتان : إنصافك من نفسك ، ومواساة إخوانك )[13] .
معطيات الإنصاف
معطيات الإنصاف والإحسان كثيرة والفوائد عظيمة وجليلة منها :
1- دوام النعمة .
ونعم الله على عباده كثيرة لا تحصى قال تعالى : {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} النحل /18 . ويجب على الإنسان أن يحافظ عليها ودوامها ومن دوام النعم استعمال العدل والإنصاف فعن الفضل بن شاذان ، قال سمعت الرضا عليه السلام يقول :
( استعمال العدل والإحسان مؤذن بدوام النعمة ولا حول ولا قوة إلا بالله ) . [14]
لذلك قامت دول واستمرت مع كونها كافرة لما تتمتع به في بعض جوانبها من إنصاف ولو لمواطنيها وشعوبها في الجملة . بينما الدول القائمة على الظلم والاستبداد سرعان ما تسقط وتكون عبرة لغيرها .
2- استدامة المحبة .
3-تآلف القلوب .
4- رفع الخلاف .
5- راحة للمجتمع .
6- زينة المجتمع .
7- التواصل في المجتمع .
8- الشهادة بعدل المنصف.
9- كثرة الأودّاء والأولياء.
10- ينمي القدرة في المجتمع .
إن أي مجتمع من المجتمعات هو بأمس الحاجة لهذه المعطيات الجليلة العظيمة ولا غنى له عنها بل لا يستقيم له عيش رغيد وحياة هادئة منعمة إلا بها وكل ما يخالف العدل والإنصاف هو في الحقيقة شذوذ عن الحالة الطبيعية والهدف المرسوم له في هذه الحياة ، ومن المترقب إن يبادر إلى العدل والإنصاف كل من له صلة بالإسلام وتعرف على العترة الطاهرة من أهل بيت النبوة وسيرتهم ونهجهم اللاحب فإنه مأمور بذلك .
العدل والإنصاف
فعن الإمام الباقر عليه السلام : ( لا عدل كالإنصاف )[15] .
وعن الإمام علي عليه السلام : ( إن من العدل أن تنصف في الحكم وتجتنب الظلم )[16] .
وفي ختام حديثنا عن الإمام الرضا عليه السلام ونحن نستعرض مواقفه النبيلة من أعدائه وحساده ومبغضيه ننقل بعض كلامه الذي يصب في هذا المنهج الوضاء فمن ذلك :
1-التحرز من العدو :
إن الإحسان للعدو وإنصافه لا يدعو إلى التساهل معه والتغافل عنه فهذا شيء وذاك شيء آخر بل دعا مع الإنصاف والإحسان إليه عدم ترك الحبل على القارب أو تسليم القيادة بيده أو يكون الإنسان المسلم ساذجاً بل على العكس من ذلك المؤمن كيّس حذر وبعيد المدى لذلك دعا الإمام الرضا عليه السلام إلى الحذر والتحرز من العدو كما قال عليه السلام : اصحب السلطان بالحذر ، و الصديق بالتواضع ، والعدو بالتحرز ، والعامة بالبشر [17] فلا بد أن يكون الإنسان واعياً مع خلقه النبيل ورحمته لغيره .
2- من هو العدو ومن هو الصديق ؟؟
جاء في الحديث الصحيح الذي رواه الكليني بسنده عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا عليه السلام يَقُولُ:( صَدِيقُ كُلِّ امْرِئٍ عَقْلُهُ وَ عَدُوُّهُ جَهْلُهُ )[18]
صديقان وعدوان :
الصديق : 1- الصديق الخارجي 2- عقل الإنسان .
والعدو : 1- العدو الخارجي 2- الجهل .
في مقام شرح هذا الحديث الجليل أنقل ما ذكره المولى الشيخ محمد صالح المازندراني وأكتفي به قال :
كما أن صديق كل رجل يجلب له الخير ، ويدفع عنه الشر وعدوه بالعكس كذلك عقله يجلب له المنافع ويدفع عنه المضار ، وجهله بالعكس إذ بالعقل يعرف الحلال والحرام وأحوال المبدء والمعاد ، ويسلك سبيل الهداية والرشاد ، ويميز بين الحق والباطل ، ويعبد الرحمن ويكتسب الجنان فهو أجدر بإطلاق الصديق عليه وأولى ، إذ كل صديق غيره لا ينفع بدونه وبالجهل يغفل عن جميع ذلك ويسلك سبيل الغي والجهالة ويسعي في طريق الشر والضلالة ويعبد الشيطان ويكتسب غضب الرحمن فهو أليق بإطلاق العدو عليه وأحرى ، إذ كل عدو غيره لا يضره بدونه ، وفيه إيماء إلى أنه ينبغي أن لا يتخذ الجاهل صديقاً والعاقل عدواً ، لأن الجاهل إذا كان عدواً لنفسه فكيف يكون صديقاً لغيره والعاقل كما يكون صديقاً لنفسه يكون صديقاً لأخيه ويعينه فيما يعينه فمن اتخذه عدواً كان أثر عدواته خزياً بين يديه ومانعاً من وصول الخير إليه ، ولذلك كثر الأمر في الأحاديث بملازمة العالم ومفارقة الجاهل .
وكما أن صداقة الأصدقاء وعداوة الأعداء متفاوتة في الناس كذلك صداقة العقل وعداوة الجهل متفاوتة بحسب تفاوت مراتب العقل والجهل في الشدة والضعف لكثرة جنودهما وقلتها

لؤلؤة الزهراء
17-04-2010, 10:04 AM
بارك الله فيك ..

مشكورة خيو ..

ربي يعطيك الف عافية ..

النور الفاطمي
18-04-2010, 03:40 PM
لؤلؤة الزهراء السلام عليكم
وفقك الله
نورتي
شكرا لمرورك العطر
لاحرمت مرورك الكريم