المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دور العمل في الأخلاق


الزهرائية
25-01-2014, 08:23 PM
دور العمل في الأخلاق
كان الإمام الصادق (ع) يعمل في حائط له وقد تصبب عرقاً إذ مرّ به أبو عمرو الشيباني فظن أن الإمام إنما يفعل ذلك مضطراً وأنه لا يجد من يساعده في ذلك، فعرض عليه أن يقوم بالعمل فأبى الإمام قائلاً: إني لأحب الرجل يحصل على رزقه بكد يده.
يحظى العمل باحترام الإسلام وتكريمه لا لأنه منجاة من الفقر والجوع فحسب، بل لأنه يضفي على الإنسان الشعور بالعزة والكرامة، وبالتالي احترام الآخرين له؛ ولهذا ينظر الإسلام إلى العمل كعامل مهم في صياغة شخصية الإنسان.
وفي مقابل ذلك فإن البطالة لها دور سلبي في سحق شخصية الإنسان أمام نفسه وأمام الآخرين، وبالتالي فإنها مصدر الكثير من المصائب والويلات؛ ناهيك عن دور العمل في تنشيط وتنظيم الجانب الفكري وحمايته من آثار الخيال الشيطاني، وبالتالي اكتساب الشخصية الإنسانية قدراً من الاستقامة والثبات؛ إضافة إلى أن للعمل دور كبير في تنظيم الاستهلاك للطاقة البدنية، الأمر الذي يؤدي إلى نوع من الصفاء الروحي والنفسي، أما البطالة فإنها تزيد في اضطراب النفس واشتداد ظلمة الروح وقساوة القلب.
ولذا فلا ينبغي الغفلة عن دور العمل في تهذيب الأخلاق، وأثر البطالة في تدمير هذا الجانب من شخصية الإنسان. فماذا يعمل الإنسان العاطل غير أن يتناول لحم الموتى على حد تعبير القرآن الكريم؟
إن الروح كالجسد تماماً تحتاج إلى الغذاء، فإذا لم يصلها الغذاء الكافي عمدت إلى أقرب الأشياء فسدت جوعها به حتى لو كان قذراً.
ولقد رأينا في أعوام القحط والجوع كيف أكل الناس بعضهم بعضاً، الروح هي الأخرى تعاني كما يعاني الجسد، فإذا لم تشعر بالشبع والرضا والطمأنينة فإنها تبقى جائعة، وعندها سوف تتغذى بلحم أخيها المؤمن الميت كما وصف القرآن الكريم ذلك في الغيبة.
إن ظاهرة الغيبة نجدها واضحة لدى النسوة اللاتي يجلسن في بيوتهن دونما عمل، فإنهن يبدأن بانتقاص الآخرين؛ وعلى أية حال فإن الإنسان العاطل يصاب بمختلف المفاسد الأخلاقية والأمراض النفسية والعصبية وبالتالي يتبدد عمره دونما فائدة.
لقد سادت المجتمع الإسلامي في القرن الثاني الهجري بعض الأفكار المنحرفة التي تعتبر العمل والكد يتنافى مع التقوى والعبادة، وقد كان البعض يعيبون على الأئمة الأطهار من آل البيت (ع) ذلك، عندما يرونهم يشتغلون في الزراعة أو التجارة أو حفر الآبار والعيون.
لنستمع إلى أحد أولئك الذين تركوا العمل وانصرفوا إلى العبادة وعاشوا كلاًّ على الناس، وهو محمد بن المكندر، وهو يقول: خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيت محمد بن علي الباقر (ع) وكان رجلاً بديناً وهو متكئ على غلامين له، فقلت: شيخ من شيوخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا؟ والله لأعظنه، فدنوت منه وسلمت عليه فسلم عليّ وقد تصبب عرقاً، فقلت: أصلحك الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على مثل هذه الحالة في طلب الدنيا؟ لو جاءك الموت وأنت على هذه الحالة.
فخلى يديه عن الغلامين ثم تساند وقال: لو جاءني والله الموت وأنا على هذه الحال جاءني وأنا في طاعة من طاعات الله أكف بها نفسي عنك وعن الناس، وإنما كنت أخاف الموت لو جاءني وأنا على معصية من معاصي الله. فقلت: يرحمك الله أردت أن أعظك فوعظتني.

العُروَة الوُثْقَى
26-01-2014, 09:29 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم يا كريم

جزاك الله خيرا


وفقكــ الباري تعالى