المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأستاذ بناهيان: الدنيا ساحة سباق والشهداء هم الفائزون


نهجنا الإسلام
09-07-2014, 03:58 PM
هذا الذي بين يديك هو ملخص محاضرة سماحة الشيخ الأستاذ بناهيان حيث ألقاها في حفل تأبين الشهداء في جامعة الزهراء(س)، تمت ترجمتها بتوفيق الله فتفضل بمطالعتها مشكورا:

أفضل رؤية عن الحياة والعبادة هي نعتبرها ساحة سباق

أفضل رؤية يمكن أن نحملها تجاه الحياة هي أن نعتبر الحياة ساحة سباق. وكذلك العبودية فهي سباق، فلا ينبغي أن ننظر إلى العبودية بنظرة باردة. إن الله سبحانه قد اعتبر فلسفة الخلق هو الامتحان وقال إنما هو يمتحنكم في سبيل أن يرى أي الناس أحسن عملا. (الَّذی خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَیاةَ لِیَبْلُوَکُمْ أَیُّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)[الملك/2] فلا یمتحننا الله في سبيل أن يميّز بين أهل الجنة وأهل النار، بل يجري الامتحان في سبيل أن يرى أي الناس أحسن عملا. إذن هي مسابقة وأجمل بكثير من لو كانت من أجل التمييز بين الناجح والساقط وبين أهل الجنة والنار.
إن قلنا: «إن الله يمتحننا ليعلم هل سوف نكون أخيارا صالحين، أم نكون أشرارا سيئين.» فمثل هذه النظرة تكهرب الجوّ وتجهد الإنسان. فعلى سبيل المثال عادة ما يسأل الآباء والأمهات بمثل هذه الأسئلة عن أبنائهن: «في أي فرع قبل ابنكم في الجامعة؟ وفي أي تخصص نجح؟ وماذا اختار من عمل ومهنة؟» فلا نسأل أبدا «ماذا أصبح ولدك مهندسا أم مدمنا على الخمور؟! وهل صار طبيبا أم سارقا؟!» وكذلك الله سبحانه وتعالى لا يمتحننا ليرى هل سنكون من أصحاب الجنة أم من أصحاب النار! أو ليرى هل نكون من الأخيار أم من الأشرار. بل قال إنما أمتحنكم لأرى (أَیُّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)

كانت نظرة الشهداء إلى غير أهل الجبهة، نظرة شفقة لمن تأخّر في السباق

وقد أشير إلى موضوع السباق في القرآن الكريم بتعابير أخرى أيضا، كقوله تعالى: (فَاسْتَبِقُوا الْخَیْرات)[البقرة/148و المائدة/48] فلابد للمؤمنين أن يتسابقوا ليروا أيهم قادر على أن يكون أحسن عملا. من محاسن أجواء السباق هي أن لو تأخر أحد في ساحة السباق لا يعدم ولا يعاقب، إلا إذا أراد أن يستغل الحرية الموجودة في ساحة السباق ويحدث شغبا فيها فعند ذلك يلاحق ويعاقب. وعلى أي حال إن الخوض في ميادين السباق والفوز فيها هو مما لا يقربه من كان عديم الهمّة.
كان يحظى الشهداء بأفضل رؤية في هذا المجال. فعندما كانوا يرون أن الشباب لا يأتون إلى الجبهة، كانوا ينظرون إليهم كما ينظرون إلى من تأخر في ساحة السباق، فلم يكونوا يتأثرون بعديمي الهمم من أمثال هؤلاء وكانوا يسارعون إلى جبهات القتال. كانوا يطمحون بالفوز في هذا السباق ولهذا لم يكونوا يقايسون بينهم وبين الخاسرين والمتأخرين في هذا السباق، كما لم يكونوا يسبّون الخاسرين والقاعدين ولم يحقدوا عليهم. كان مجاهدونا يحظون بروحيات عالية جدا، فإنهم كانوا يصبون إلى الفوز في مسابقة العبودية والحياة، وحقا أنهم قد فازوا في هذا السباق. عندما يفوز الرياضيون المحترفون في ساحة السباق، يصافحون الخاسرين في الميدان ويطبطبون على ظهرهم. وكذلك الشهداء كانوا يتعاملون مع المتأخرين عنهم والخاسرين في سباق الجهاد بهذا النَفَس، ولذلك كانوا يستوهبون من أولئك الذين لم يأتوا إلى الجبهات ويعتذرون منهم في وصاياهم. فانظروا كم كانوا يتعاملون برأفة وجمال مع المتأخرين في السباق.
إن هؤلاء الشهداء الذين حلّوا ضيوفا لكم في الجامعة، جاءوا بعد استشهادهم ليأخذوا بأيدينا. فكأنما ليس لهم شأن في السماء سوى أن يرجعوا إلينا ويعينونا. الشهداء هم الفائزون في هذا السباق فهم يرجعون ويصافحون الخاسرين ويحدبون عليهم.

وكذا الحياة الأسرية فإنها تحلو إن تسابق الزوجان على أن يكون كل منهما أفضل من زوجه

إن العبودية عبارة عن سباق. هناك عبارة أخرى في القرآن الكريم تقول: (سارِعُوا إِلى‏ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّکُم)[آل‌عمران/133] والتسارع هو ضرب من السباق. إن كانت الحياة محلا للعبادة، فالتفسير الحقيقي للحياة هو أنها ساحة سباق، ليتبين أي المتسابقين أحسن عملا.
وكذلك الحياة الأسرية التي يعيش فيها الرجل والمرأة مع بعض، فإنها عبارة عن ساحة سباق ليتضح أي الزوجين أحسن عملا. ولا شك في أن لو لم يتسابق الزوجان بينهما على الخير والصلاح، تحدث مشاكل لا يمكن علاجها في أغلب الحالات، وعند ذلك يضطر كل منهما إلى تحمل زوجه في ما تبقي من حياتهما. أما إذا تسابقا وتنافسا في الخير وحاول كل منهما أن يسبق زوجه في العمل الصالح، تحلو الحياة كثيرا. ففي مثل هذه الأجواء إن أساء زوج الإنسان إليه، يقابله بلطف بدلا من الانتقام منه، ليسبقه بنقطة في هذا السباق.

لنؤمن بأن الشهداء قد سبقوا الجميع وسبقوا زماننا

إن هذه النظرة إلى «الحياة» و «العبودية» نظرة جذابة جدا. إن الشهداء قد فازوا بجائزة المسابقة واللطيف أنهم شاركوا باقي الناس في جائزتهم. من المؤكد أن قد رأيتم بعض الرياضيين حيث إنهم حينما يفوزون بمداليتهم ويقفوا على منصة الفوز وقمّة البطولة، يهدون مداليتهم الذهبية إلى الشعب أو إلى أسرتهم أو إلى أمّهم مثلا، فإن الشهداء كانوا يحظون بهذه الروحية بأعلى درجاتها. فما إن نال الشهداء هذا المقام العظيم يأخذون بأيدي الناس ويشفعون لهم. فلنؤمن حقيقة بأن الشهداء قد سبقوا الجميع، ولنؤمن بأنهم كانوا أذكى وأفهم من الآخرين وكانوا أسرع حركة وأسرع عملا من غيرهم، إذ قد اتخذوا موقفهم وردّ فعلهم بسرعة. في أيام الدفاع المقدّس لم يكن الله يتقبل من كان يتماطل في اتخاذ الموقف. لذلك إحدى خصائص الشهداء المهمة هي أنهم كانوا يحظون بسرعة عالية جدا ولهذا استطاعوا أن يفوزوا في السباق. وكذلك قد سبق الشهداء زماننا وتقدموا عليه.

یتبع إن شاء الله...

نهجنا الإسلام
10-07-2014, 10:19 AM
لابد أن نأسف على تخلفنا عن الشهداء الذين سبقوا زماننا، لا أن نأسف على التأخّر عن الاستخدام غير الهادف لوسائل الانترنت


عندما تقرأون وصايا الشهداء الآن، تجدون أنهم قد أشاروا في وصاياهم إلى مفاهيم لم يدركها كثير من رجالنا السياسيين بعد. كان الشهداء متقدمين على زمانهم وكانوا ينظرون إلى المستقبل حتى أنهم كانوا يشاهدون أثر عملهم العظيم.
قال أحد مسؤولي الثقافة في البلد: نحن في مجال أدوات وتقنية التواصل متأخرون عن العالم على مدى عشرين سنة! فليته يخبرنا عن مدى تأخّر الأجهزة الثقافية عن الشهداء. وبدلا من أن يحزن على كوننا متأخرين عن العالم في مجال الوايبر والواتساب عشرين سنة، ليته كان يحزن على كوننا متأخرين عن شهدائنا على مدى مئتين سنة أو أكثر!
إن شهداءنا اليوم يقومون بدورهم ويعملون عملهم. فإن تلامذة هؤلاء الشهداء قد أزاحوا عن شعب كامل خطر انقلاب كبير ونزاعات دامية في بلد لا يبعد عنا سوى خطوات. وإن شهداءنا قد ربّوا تلامذة استطاعوا أن يقفوا في وجه البلدان المستكبرة بكل جدارة. فإن المجاهدين الذين يجاهدون في الخط الأمامي للمقاومة ضد التكفيريين هم تلامذة شهدائنا. إن تقدّم الشهداء وسرعة حركتهم جعلتهم يربّون تلامذة يبادرون بأعمال فوق مستوى هذا العصر والزمان.
ألا يجدر بنا أن نأسف على جميع مؤسساتنا الثقافية في البلد، بسبب تأخّر أجهزتنا الثقافية الرسمية عن الشهداء بهذا القدر؟! فعلى سبيل المثال أجيبوني كم من فيلم شاهدتموه في سينمات البلد دفاعا عن المظلومين الذين احتزت رؤوسهم في سوريا، مع أنه قد مضت من أحداث سوريا سنين؟! لماذا أوساطنا الثقافية متخلفة إلى هذا الحدّ؟! لماذا لا يحرّكون ساكنا لإيصال واعية المظلومين في هذه المنطقة؟! لماذا لا يقدمون أي خدمة تجاه القتلى والضحايا الشيعة والمسلمين الذين يقتلون ويذبحون يوميا في العراق؟!
فيا ترى لماذا أجهزة البلد الثقافية متخلفة عن الزمان بهذا المستوى الفضيع؟! أفهل من المناسب في خضم هذه الأحداث أن يأتي أحد الشخصيات الثقافية الكبيرة في البلد ويتأسف على التخلّف عن الوايبر والواتساب؟! فيبدو أن مشاعر كثير من مسؤولينا الثقافيين وأفكارهم متخلفة عن الزمان بكثير لا عن مستوى الشهداء فحسب! فهم لا يتأسفون على مثل هذا التخلف بينما يتأسفون على تأخرنا في الاستخدام غير الهادف لوسائل الإنترنت! فإذا هبط مستوى المسؤولين الثقافيين إلى هذا المستوى الداني، هل يمكن لنا أن نأمل خيرا في هذه الأجهزة الثقافية؟!


إن التأخر في مجال التقنية والأدوات يمكن أن يعوّض، أما التأخر عن الزمان فقبيح جدا


طبعا نحن لا نتوقع أن نصل إلى مستوى الشهداء وأن لا نتأخر عنهم، إذ أن الشهداء قد تقدموا على الزمان بكثير وسبقونا في المبادرة ونظروا إلى ما بعدنا، لقد اكتسح وجودهم الحدود، بيد أننا لا نزال في سجون الأنانية والعصبية! فلا داعي لللحاق بالشهداء، ولكن لا نتخلّف عن الزمان على الأقل! ولا نتخلّف عن هذه القوة التي وفّرها الشهداء للمظلومين في المنطقة. فإن التأخر في مجال التقنية والأدوات يمكن أن يعوّض، أما التخلف عن الزمان فقبيح جدا.


http://upload7.ir/imgs/2014-07/56936746596427141943.jpg (http://upload7.ir/)



ألا ينبغي لطلاب الجامعة أن يطالبوا المسؤولين الثقافيين بتقديم تقرير عملهم في ما أنجزوه لمظلومي المنطقة؟


أنا أسألكم أيها الطلاب: أليس هؤلاء المظلومون الذين يقتلون في هذه المنطقة بشرا؟! فلماذا لا ينبغي لفنانينا أن يتعاطفوا معهم؟ ألا ينبغي لكم أن تطالبوا الإذاعة والتلفزيون ومنظمة الإعلام الإسلامي ووزارة الإرشاد وباقي المسؤولين الثقافيين بتقديم تقرير عملهم في ما أنجزوه لهذه الشعوب المظلومة؟
كثير من الشباب يودّون أن يلتحقوا بساحات الصراع ويحاربوا الإرهابين والتكفيريين في خط المقاومة الأمامي، أو أن يذهبوا ويدافعوا عن مرقد السيدة زينب(س). إن هؤلاء الشباب يواكبون نبض الزمان، وتنبض قلوبهم مع أحداث الزمان فلا يريدون أن يتأخروا عن الزمان. طبعا نحن وبسبب بعض القيود الموجودة لا نقدر على الالتحاق بساحات الصراع ولا سبيل لنا إلى مرقد السيدة زينب(س) أو مرقد الإمامين العسكريين(ع) في سامراء لندافع عنها، ولكن بوسعنا أن نكون صدى لصرخات الشعوب المظلومة في المنطقة.
إن المخرج الذي لا ينتج فيلما في الدفاع عن مظلومي المنطقة متخلّف عن زمانه. اذهبوا وشاهدوا الأفلام التي أُنتجت في هذا العام بدعم المؤسسات الثقافية، وانظروا كم كانت منسجمة مع زماننا وأهم قضايا زماننا الراهن؟! وكم قد نتاولوا أهم القضايا المعاصرة؟! فلا يجوز لمؤسساتنا الرسمية أن تتخلف عن مستوى شهدائنا إلى هذا الحدّ.


إن حفظ ذكر الشهداء ليس بأقل من الشهادة


كأن الله لا يملك أنصارا سوى هؤلاء الشهداء وسماحة السيد القائد وأنتم أيها الموالون والأوفياء للشهداء بحيث تستضيفونهم وتسكنونهم في جامعاتكم. إن الذين يخدمون الشهداء في هذا الزمان هم أناس عصريّون.
أنا أبارك لكم أيها الطلاب الجامعيون، وسبب تبريكي هو كلمة سماحة ولي أمر المسلمين الإمام الخامنئي دام ظله حيث قال: «إنّ حفظ ذكر الشهداء اليوم ليس بأقل من الشهادة». إن هذه الكلمة ليست بتصريح دعائيّ، بل كلمة حقيقية تنطوي على معان كثيرة. إن الذين يحاولون أن يكونوا مع الشهداء في حياتهم، فهم سوف يلحقون بهم إن شاء الله. لا تنظروا إلى ظواهر الأمور فقد لا يشعر الإنسان بوقوع شيء ما. ولكن كل من يخطو خطوة في سبيل الشهداء، فإنه قد أدخل نفسه في أمر الشهادة وما أعظمه من أمر.
من أعظم نماذج السباقين والمسرعين من الشهداء هو علي الأكبر(ع) حيث قد بادر بالاستئذان للحرب قبل باقي شهداء بني هاشم. في يوم عاشوراء ما كان أصحاب الحسين(ع) يسمحوا لأحد من بني هاشم أن يذهب للقتال ماداموا أحياء، ولكن بعد ما استشهد الأصحاب جميعا ولم يبق في الخيام إلا بنو هاشم، سبق علي الأكبر باقي الشباب واستأذن أباه الحسين للميدان فإذن له الحسين(ع) بلا تأنّ.