اسلاميات - برامج اسلامية, منوعات, دروس ,محاضرات أخلاق آداب إسلامية, مسابقات اسلامية ![]() |
![]() |
|
أدوات الموضوع
![]() |
إبحث في الموضوع
![]() |
انواع عرض الموضوع
![]() |
![]() |
#21 |
●• فاطمية متميزة •●
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 159 ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() الظلم الكامن خلف قناع الديمقراطية
كما مرّ مسبقا، إن الفوارق الموجودة بين الناس تنجرّ إلى تفوق بعضهم على بعض، وفي هذا المسار قد يستغلّ البعض تفوقهم ويؤدي بهم الأمر إلى الاعتداء على الآخرين. أحد السبل الذي كان يُسلك منذ القِدَم بغية السيطرة على الظلم، هو السيطرة على الظالمين بالظالمين، حيث كانت القوة الظالمة العليا تسيطر على باقي الظَلَمة. فكان هذا التنازع الحاصل بين القوى يؤدي إلى تحقّق التعادل بينهم. فعلى سبيل المثال، كل الناس كانوا يعلمون أن صدّام طاغوت ظالم، ولكنّ بعضهم كانوا قانعين بهذا الظلم ويقولون لولا وجوده لذهبت الأوضاع إلى الأسوأ. ففي الحقيقة أن الناس قد رضوا بالظلم «المنتظم»؛ وباعتقادهم إن لم تكن القوة المركزية ظالمة، سوف يتلقون الظلم من كلّ غاد وذاهب، أما إذا كانت هناك حكومة مركزية قوية، فسوف تقف أمام باقي الظلمة حتى وإن كانت هي ظالمة، وعند ذلك يواجه الشعب ظالما واحدا لا ظَلَمة عدّة. هذا هو ديدن الناس حيث إنهم إن عجزوا عن استئصال الظلم بأسره، يفضّلوا أن يكون الظلم منتظما غير مبعثر. ونفس هذه الحقيقة سارية في النظام الرأسمالي الغربي الآن. إن بعض الناس في الغرب غافلون عن مدى الظلم الذي يفرضه النظام الحكومي الديمقراطي، ولكن أولئك الذين أدركوا الظلم الذي لا ينفكّ عن هذا النظام قد ساوموه انطلاقا من وحي الرضا بالظلم المنتظم. إن أصل النظام الرأسمالي هو ظلم بحدّ ذاته، لا أنه جيّد ولكن يمارس الظلم فيه. كلا، إن نفس هذا النظام هو ظلم. بما أنه قد تجاوز عقل الإنسان مرحلة البساطة والسذاجة وإلى جانب هذا النضج قد كثرت أدوات الاتصال والإعلام، فلا سبيل لأغلب الحكّام بعد إلى أساليب السلطة الظالمة بلا قناع وستار. فمن هذا المنطلق وفي سبيل التعرّف على النظام الظالم الذي يسود الأنظمة الديمقراطية في عالم الغرب، لابد من تسليط الأضواء على قضيتين؛ إحداهما هي تعاطي منهج «الخداع والتضليل» في هذا النظام، والأخرى هي «الظلم الخفيّ» الذي لا ينفكّ عن الديمقراطية. لقد أصبحت وسائل الإعلام اليوم أحد أركان الديمقراطية وأحيانا تسمى بالركن الرابع لها.[1] إن دور الإعلام الرئيس في النظام الديمقراطي ليس هو التداول الحرّ للمعلومات، بل هو خداع الناس. و لا يحتاج تصديق هذه الحقيقة أكثر من إلقاء نظرة بسيطة. من هم أصحاب وسائل الإعلام في هذا العالم الحرّ؟ من الذين يديرون يديرون وكالات الأنباء المعتبرة في العالم؟ من هم أصحاب أسهم الإذاعات والقنوات التلفزيونية والفضائيات؟ فإذا أجبنا عن هذه الأسئلة سندرك بكل بساطة أنّ نبْضَ المعلومات في شرايين الإعلام هو بيد أقليّة من الناس، وهي التي لها دور مهمّ في مقدّرات الدول. الدول الغربية اليوم، تخبّئ أنواع ظلمها غبر سلطتهم الإعلامية وعن طريق تضليل شعوبهم وخداع الرأي العام. ما كان انطباع الشعوب الغربية عن هجوم أمريكا على أفغانستان والعراق؟ لقد بلغت الأغلبية الساحقة من الشعب الأمريكي بعد ما توالى عليهم إعلامهم بقصف المعلومات بلا انقطاع، إلى هذه القناعة وهي أن السبيل الوحيد للتخلص من الإرهاب والحصول على حياة هادئة بلا إزعاج، هو اقتلاع جذور الإرهاب في أفغانستان والعراق بالحرب. أما اليوم وبعد مضيّ نيف و شر سنين من واقعة 11 سبتمبر، كشف الغطاء عن أبصار الشعب الأمريكي وأدرك خداع رجاله، وعليه فلا يمرّ اسبوع إلّا وتخرج فيه مظاهرات من إحدى أرجاء الإيالات المتحدة مطالبة بإيقاف الحروب. لا تقتصر أنواع الظلم في النظام الديمقراطي على أشكال الظلم التي تفرض بالخداع والتضليل على الشعب، بل ينطوي هذا النظام على أشكال أخرى من الظلم الخفيّ الذي يعجز عن إدراكه كثير من الناس. لا ينبغي الاكتفاء بإحصاء المظالم الفادحة والواضحة في عملية نقد النظام الديمقراطي. فإذا أراد الإنسان أن يقضي على الظلم برمّته، فلا بدّ أن يأهّل نفسه لرؤية المظالم الخفية. فإذا أراد الشعب الأمريكي أن يثور على حكومته، لا ينبغي له أن يحتجّ على الحروب التي شنتها أمريكا في جميع أنحاء العالم بشكل مباشر أو غير مباشر، بل لابدّ له أن يحتجّ على أصل النظام الرأسمالي أيضا. وهذا ما بدأ يحدث في هذه الأيام. إن حركة الاحتجاج ضد النظام الرأسمالي (حركة احتلال وول ستريت) التي باتب تمتدّ بجذورها في جميع العالم، تبشر ببدء فصل جديد في صحوة الشعوب في عالم الغرب. يتبع إن شاء الله... [1] . يرى مفكرو الغرب أن الديمقراطية قد شُيِّد كيانها على أربعة أركان فأي حكومة أخذت هذه الأركان بعين الاعتبار والتزمت بها نظريا وعمليا، فنظامها ديمقراطي. وهي: 1. القانون الأساسي 2. النظام البرلماني (مجلس الشورى) 3. الأحزاب السياسية 4. حرية الصحافة. وقد أضاف بعضهم إلى هذه الأربعة خامسا باسم "الحرية المدنية" وأرادوا بها حرية التعبير والقلم والفكر والعقيدة والمثل وكذلك تنمية المؤسسات المدنية المدافعة عن حقوق الشعب. وبالرغم من حلاوة ظاهر هذه المصطلحات الرنّانة، إن كل هذا التفنن بالألفاظ إنما هو من أجل ضمان سلطة الرأسماليين المطلقة على الشعوب، وسنقف عند هذا الموضوع قليلا في الأبحاث القادمة إن شاء الله. |
![]() |
![]() |
![]() |
#22 |
●• فاطمية متميزة •●
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 159 ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() إن كثيرا من المعاملات التي تمارس في الأنظمة الديمقراطية هي معاملات ظالمة. فعلى سبيل المثال، من قال إن الأغنى له أن يحتكر جميع الفرص لنفسه ويمنعها عن الآخرين؟ وعلى أيّ أساس أعطي الحقّ لكبير المساهمين أن يأخذ بزمام مقدرات باقي الأعضاء؟ أساسا إن مفهومي النموّ والتنمية في إطار النظام الرأسمالي الحرّ يشيران إلى ضرب من الظلم. لا مانع لدى النظام الرأسماليّ من ارتقاء الناس في الجانب الاقتصادي، بل يشجعهم على كسب الغنى والثراء وحتى قد يقرضهم ويوفّر لهم جميع الإمكانات في سبيل تحسين وضعهم الاقتصاديّ، بيد أن الهدف الأول والأخير في هذه السياسة هي زيادة القوّة الشرائية لدى الناس لتكون ضمانا على بيع منتجات أصحاب رؤوس الأموال. وهذه هي أحد المظالم الخفية في النظام الرأسمالي.
في جولة كانت لي قبل فترة في عدد من البلدان الأفريقية، سألت أحد المسؤولين السياسيين عن سبب قلّة تواجد الشركات الأجنبية ولاسيما الأوروبية في أفريقيا. فأجابني: «لقد نفض الأوروبيون أيديهم من ترفّه واغتناء الأفريقيين، ولهذا فلا ميل لهم إلى تكثير هذه الشركات». قلت له: «وهل يودّ الأوروبيون أن يترفّه الشعب الأفريقي؟!» فأجاب: «کلا، إن ما يهدفون إليه هو أن يجدوا سوقا لبضائعهم ولكنهم عرفوا أن أفريقيا لن تصبح سوقا جيدا لها؛ إذ لم يتطبّع شعبها على النزعة الاستهلاكية». وفعلا بسبب الظروف الأقليمية والمناخية هناك، لم تتوغل ثقافة الاستهلاك بعدُ في نفوس الشعب الأفريقي. حيث يكتفي أحدهم ببلوز صيفي طوال سنته ولا يضطره مناخها المعتدل إلى ارتداء شيء آخر. ينمو هناك نوعان من الموز، فيأكلون أحدهما كفاكهة ويطبخون الآخر كغذاء. فلا تهتشّ نفوسهم لابتياع البضائع الأجنبية الكماليّة على سبيل الإفراط. وعليه فلا يوجد للدول الأوروبيّة أيّ حافز لتنمية أفريقيا ! يعني النظامُ الرأسماليُّ من تنمية البلدان الفقيرة، ضمانا على تصاعد بيع بضائعهم. ومن هذا المنطلق أنشأوا المصرف الدولي وبادروا بإقراض البلدان الفقيرة. فهل قد احترق قلبهم على البلدان الفقيرة أو النامية؟ كلا، الواقع هو كلما تقرّبت البلدان صوب الحداثة والتطوّر ازدادت حاجة إلى بضائع البلدان الرأسمالية، فيتضاعف بيع هؤلاء وأرباحهم وإلى جانبه تتفاقم الاتكالية الاقتصادية في سائر البلدان. فعلى سبيل المثال قبل أن تنتصر الثورة في بلدنا إيران، كنا نستورد بعض البضائع كالقمح و غيره من الخارج، أما الآن وبعد ما بلغنا هذا التطوّر الباهر في مختلف مجالات العلم والتقنية، أصبحنا غير مستغنين عن أجهزة الحاسوب وغيرها من الأجهزة الحديثة، وبهذا فقد ازددنا اتّكالا. أصبح جهاز الحاسوب لدى الكثير منّا من أوجب الواجبات، فإذا خطينا خطوات أخرى نحو التطور والحداثة، تزداد حاجتنا شيئا فشيئا إلى باقي الأجهزة المتطورة وبرامجها، ومآل هذا المسار هو استفحال الاتكال فينا وتضاعف البيع والأرباح للبلدان المنتجة لهذه البضائع. وكذا الحال في المجالين الثقافي والاجتماعي. فلا بأس أن نقف ـ على سبيل المثال ـ على الرؤية الظالمة التي تنظر بها الأنظمة الرأسمالية إلى حجاب المرأة وسترها. إن هذه الرؤية إلى المرأة بأن لها الحريّة المطلقة في أن تخرج كيف ما تشاء أمام أنظار الناس وتدخل في مختلف مجالات المجتمع بما طاب لها من زيّ، هو ظلم على المرأة نفسها. لقد أصبحت هذه الثقافة معترف بها في الغرب وهي أن كلّ فرد له أن يحضر في مختلف الأوساط الاجتماعية بما راق له من زيّ ومظهر، وبات الناس جميعا هناك ينظرون إلى هذه الحريّة كحقّ لهم. بينما السفور والتبرّج في حقيقة أمره ظلم على سائر النساء. الفتاة التي تحظى بالحسن والجمال وقد سبقت بجمالها باقي النساء في لفت أنظار الرجال وفتونهم، فهي في الواقع تظلم أولئك النساء اللاتي لم يحظين بجمالها أو قد سُلِب منهنّ لمضيّ عمرهنّ. كما أن هذه الفتاة تمضي في سبيل تفقد فيه جمالها وسوف تأتي فتيات أخريات فيهمشّونها بنفس هذا السلوك الظاهر في ظلمه. في هذه المنافسة الباطلة، تهان كلّ فتاة لم تحظ بهذه المغريات الظاهرية. وإن هذا لأكبر ظلم على النساء. وكذلك نغمة المساواة بين حقوق المرأة والرجل تمثّل ضربا آخرا من أنواع المظالم التي تمارس بحقّ النساء، ولكن قلّ ما لفتت أنظار الناس لخفائها. كيف تكون نتيجة المساواة بين حقوق المرأة والرجل في شؤون المجتمع، لصالح المرأة، ومن قال بأننا سوف نخدم المرأة ونتفضل عليها فيما لو أنجزنا هذه المساواة؟ إنّ تحليل هذه القضية يقتضي مجالا آخرا ولكن نكتفي هنا بتسليط الضوء على نقطة واحدة. إن المساواة بين حقوق المرأة والرجل في حقيقة أمرها هي سحق فطرة المرأة وغض الطرف عن احتياجاتها ونزعاتها الطبيعية. فهل هي لصالحهنّ؟ إنها تشبه في سخافتها بما لو نادينا بالمساواة بين حقوق الأطفال والكبار، ومن ثمّ نمنح الأطفال جميع حقوق الكبار وامتيازاتهم. فقد لا تبدو مشكلة في هذه المساواة إلى هذا الحدّ من تصوّرها، ولكن ستظهر مشاكلها في ما لو ارتفع مستوى توقعاتنا من الأطفال بدرجة ما نتوقعه من الكبار، فنتوقع منهم أن لا يختلف سلوكهم عن سلوك الكبار، وأن يمارسوا العمل كشأن الكبار، وأن يلتزموا بالآداب الاجتماعية مثلهم، وأن يتعهدوا بجميع العهود والعقود الأسرية والاجتماعية كشأنهم و... فهل هذه المساواة خدمة للأطفال أم خيانة بحقهم؟ يتبع إن شاء الله... |
![]() |
![]() |
![]() |
#23 |
●• فاطمية متميزة •●
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 159 ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() إن للطفل اقتضاءاته الفطرية والطبيعية الخاصة به ولابدّ من تلبيتها، فأي مانع وحدّ يوضع في مسار تلبية احتياجاته الطبيعية والفطرية، فإنه في الواقع خيانة له. وكذلك في قضيتنا إن ذكر موضوع المساواة بين حقوق المرأة والرجل، عادة ما لم تسلّط الأضواء على هذه الحقيقة وهي أن المرأة والرجل يختلفان في ماهيتهما، وإن هذه الفوارق الظاهرية بين حقوقهما إنما هي ناشئة من الفوارق الفطرية واقتضاءاتهما الروحية. فإن المساواة بين المرأة والرجل هي بمعنى غض الطرف عن هذه الاقتضاءات الروحية. فهل سَحق فطرة النساء لصالحهنّ؟
أن أكبر ظلم يمارس تجاه النّاس في الغرب، هو «تجاهل كرامتهم» وسوف نقف في الأبحاث القادمة على هذه القضية. على أيّ حال إن النظام الديمقراطي ليس أنه عاجز عن الحيلولة دون نشوء الظلم في النظام التسخيري وحسب، بل إنه ينطوي على بعض المعاملات الظاهرة أو الخفية بظلمها، ولا يبقى بعد داعٍ للالتزام بقيم هذا النظام وأعرافه إن تأمّلنا قليلا في عواقبه السيئة. وهنا بودّي أن أختم هذا البحث بمسك الختام من كلمات المفسر الكبير للقرآن الكريم، العلامة الطباطبائي (ره). فخلال بحث مفصل حول «الاجتماع» يخوضه العلامة الطباطبائي في ذيل الآية 200 من سورة آل عمران المباركة، يعرّج سماحته على حقيقة الديمقراطية ويعتبرها نفس الديكتاتورية والاستكبار ولكن بمظهر حديث. لقد جئنا هنا بمقطع قصير من كلامه بما لا يغني القارئ الكريم عن مراجعة جميع بحثه في هذا الموضوع:«و من أعظمها (أعظم الفوارق الموجودة بين النظام الإسلامي والنظام الديمقراطي) أن هذه المجتمعات لما بنيت على أساس التمتع المادي نفخت في قالبها روح الاستخدام و الاستثمار و هو الاستكبار الإنساني الذي يجعل كل شيء تحت إرادة الإنسان و عمله حتى الإنسان بالنسبة إلى الإنسان، و يبيح له طريق الوصول إليه و التسلط على ما يهواه و يأمله منه لنفسه، و هذا بعينه هو الاستبداد الملوكي في الأعصار السالفة و قد ظهرت في زي الاجتماع المدني على ما هو نصب أعيننا اليوم من مظالم الملل القوية و إجحافاتهم و تحكماتهم بالنسبة إلى الأمم الضعيفة و على ما هو في ذكرنا من أعمالهم المضبوطة في التواريخ».[1] ضرورة تدخل الله في مراقبة السلطة المركزية إلى هنا خرجنا بنتيجة أن الناس عاجزون عن مراقبة هذه السلطة المركزية التي تضمن سلامة النظام التسخيري. وبما أن الإنسان غير قادر على مراقبة هذه السلطة المركزية والسيطرة عليها، لم يبق لنا بدّ سوى أن نلجأ إلى الله باعتباره القادر المطلق وخالق الإنسانَ وهذا النظامَ التسخيريَّ المهيمنَ على حياته، ونحاول أن نسيطر على هذه السلطة المركزية ومن ثم نضمن سعادة البشر عن هذا الطريق. نحن قد وصلنا إلى هذه النتيجة عن طريق الرؤية العقلية إلى الموضوع، فاقتضت الضرورة العقلية أن يكون زمام السلطة في المجتمعات البشرية بيد الله سبحانه. إن الحلّ الذي يقترحه الله سبحانه، في سبيل استقامة النظام التسخيري وعدم انحرافه إلى الظلم، هو اتباع «الولایة». ولكن قبل أن نخوض في موضوع منهج الولاية في إدارة المجتمع، وآلية إدارة المجتمع عبر أسلوب الولاية، لا بأس أن نقف عند أدلّة ضرورة تدخّل الله في مراقبة السلطة المركزية. هناك ثلاثة أدلّة تفرض ضرورة تدخل الله سبحانه وتعالى في عملية مراقبة النظام التسخيري المهيمن على عالم الوجود. صعوبة الإلمام بجميع التعقيدات في إدارة الناس إن إدارة الناس وولايتهم من أعقد الأمور، وقد أثبتت التجربة البشرية أن عقل البشر في غاية العجز عن الإلمام بجميع أبعادها وعقدها. إنه ليس بأمر هيّن حتى يستطيع العلماء والمفكّرون أن يجتعوا معا ويرسموا نموذجا يمكّنهم من إدارة الناس والأخذ بأيديهم صوب الكمال. إن ولاية الناس وسبل استخدام تلك السلطة المركزية على الناس في غاية التعقيد، ومن أدرك من تعقيداتها شيئا، سوف يسلّم أمره إلى الله ويقرّ بأن المقام يقتضي أن تأتي سلطة من مقام عِلويّ غير بشريّ فتتصدّى للسيطرة على هذا النظام. إن حياة الإنسان في غاية التعقيد. فهل بإمكان المنظّرين في المغرب أو المشرق أن يقدّموا نموذجا كاملا لإدارة حياة الإنسان اعتمادا على ما توصلت إليه أفكارهم؟ هل بلغت أعمارنا إلى هذه الدرجة من الرّخص حتى نضعها كفأر المختبر بين يدي التجارب البشرية الناقصة التي تتمخض من نظريات تُستجَدّ وتُستبدَل ولم تلبث إحداهنّ في فترة ثبوتها أياما إلا وتبطلها نظرية أخرى. وأساسا أهمّ دليل على عدم كفاءة التجارب البشرية، هو توالي إبطالها واحدة تلو الأخرى. لقد تبلورت في زمن ما الشيوعية أو الماركسية على أساس نظريات «كارل ماركس»، وبعد ما حكمت نصف العالم عقودا من الزمن، أعلنت عن إفلاسها. واليوم نحن نشهد احتجاجات شعبية واسعة في مختلف البلدان الغربية ضدّ النظام الرأسمالي تحت عنوان «حركة احتلال وول ستريت» وسوف نرى ـ إن شاء الله ـ عن قريب تنبؤ الإمام الخميني (ره) في اندثار النظام الرأسمالي وانهياره بعد انتهاء شوطه. وباتت تقترب هذه الحقيقة من حين إثباتها بعد ما كانت غريبة لا يميل إليها أحد، وهي أن الرؤية العلمانية الغربية التي تمّ تشييدها على أساس "الأومانية" وأصالة الإنسان وصَحِبتها عناوين تُعرَف بها كالليبراليّة في مجال الفكر والثقافة، والأمبريالية في مجال الاقتصاد، أضحت نظرية مفلسة لم تضمّ بين جنبيها شيئا. يتبع إن شاء الله ... [1]. العلامة الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 4، ص 123. |
![]() |
![]() |
![]() |
#24 |
مشرفة ركن الاهداءات والمسابقات والابتسامة البريئة*يـــاارحــــــم الـــراحـــمين*
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: العراق محافظة النجف الاشرف
المشاركات: 2
معدل تقييم المستوى: 0 ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]()
مشكورة عالطرح والمجهود الاكثر من رائع
في ميزان اعمالك
__________________
![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#25 |
●• فاطمية متميزة •●
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 159 ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#26 |
•• مشرفة سابقة ••
![]() ![]() تاريخ التسجيل: Aug 2012
الدولة: النجف الاشرف
العمر: 34
المشاركات: 589
معدل تقييم المستوى: 352 ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]()
في ميزان حسناتك اختي الغالية
__________________
لاأَضْحَكَ الله سِنَّ الدَّهرِ إِنْ ضَحِكَتْ وآلُ أحمدَ مظلومونَ قدْ قهروُا مُشّرَّدُونَ نُفوا عَنْ عُقْرِ دارِهمُ كأنهمْ قدْ جنوْا ماليسَ يغتفرُ |
![]() |
![]() |
![]() |
#27 |
●• فاطمية متميزة •●
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 159 ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() صعوبة إدارة الناس في مقام العمل
بالإضافة إلى البعد النظري و صعوبة إدراك خفايا قواعد إدارة الناس وقيمومتهم، كذلك الأمر ليس بهيّن في مقام العمل والتنفيذ. فلو كنا قد عرفنا جميع قواعد إدارة الناس عن طريق الوحي، هل بإمكاننا أن نتصدّى لتطبيقها وهل نستطيع أن ندّعي أنّ لنا الكفاءة والقدرة على إدارة أنفسنا؟ لقد ثبت في القسم السابق ضرورة «علم» الإمام وحاكم المجتمع، وهنا تثبت ضرورة «عصمته». لنفرض أننا وقفنا على جميع غوامض أبعاد الإنسان وأحطنا بقواعد إدارته وقيمومته بمدد من الله، أي أدركنا كنه حقيقة العدل والإنصاف مثلا، ولكن هل تطبيق هذه القواعد على أرض الواقع وفي خضمّ إدارة المجتمع أمر هيّن؟ من يستطع أن يطبق العدل بكل ما تحمل الكلمة من معنى، حتى على نفسه؟ فلا ضمان على تحقق هذا العدل إلّا الضمانات الدينية التي تسدّد وليّ الله وإمام الناس على أن يقيم هذه الأطروحة باستعانة قوّته الروحية. الضمان على إمكان إدارة الناس الدليل الثالث على ضرورة تدخل الله في السيطرة على السلطة المركزية هو القداسة التي لا تنفكّ عن «أمر الله». إن هذه القداسة بنفسها تمثل ضمانا على إمكان إدارة الناس وقيمومتهم. يعني أن هذه القداسة هي التي تمهّد الأرضية للحكومة الولائية أن تمارس الحكم وهي التي تمنحها الشرعية. فلو حصل رجل كفوء وقادر على إدارة المجتمع لِما أعطاه الله من القوة الروحيّة العالية، وكان قد أخذ برنامجَه لإدارة المجتمع من الله، يبقى لا يزال محتاجا إلى تدخّل الله في سبيل إمكان حكومته على الناس، وذلك بأن يأمرهم الله باتباعه. لنضرب مثلا؛ إن التحكيم في ساحة كرة القدم أمر صعب جدا. ومن هذا المنطلق قد وضعت قوانين دقيقة جدا للتحكيم لا يمكن تغييرها بسهولة (العامل الأول). ومن جانب آخر، تطبيق هذه القوانين على الساحة بحاجة إلى حضور حكّام متمّرسين قد جمعت فيهم الإحاطة بالقوانين، والحيادية أثناء التحكيم (العامل الثاني). ولكن إذا لم تكن في البين جهة مركزية عليا تفرض بوجوب إطاعة الحكم في ساحة المباراة، هل يبقى ضمان على تنفيذ أحكام الحَكَم في الساحة. فلابدّ من وجود «اتحاد» قوي لكرة القدم، ليكون ضمانا على تنفيذ جميع القوانين والبرامج (العامل الثالث). حصيلة الكلام: هناك ثلاث ضرورات تقتضي تدخل الله في السيطرة على السلطة المركزية. بعبارة أخرى، هناك ثلاثة أدلة تحكم بضرورة خضوع المجتمع الإنساني لولاية الله وقيمومته المباشرة أو غير المباشرة. الدليل الأول: هو أن الإنسان معقّد في تركيبته وأبعاده، وعليه فإدارة هذا الإنسان عملية معقدة صعبة جدا، ولا يقوى عليها سوى الله، إذ هو الذي يستطيع أن يضع برنامجا كاملا لإدارة الناس وقيمومتهم لأحاطته بجميع هذه الأبعاد. الدليل الثاني: لابدّ لهذا الإنسان الذي يتصدّى لإدارة المجتمع أن يحمل بتسديد الله بين جنبيه قوة روحية عالية ليكون قادرا على تنفيذ هذه القانون بشكل صحيح. الدليل الثالث: ولا بدّ أن يوجّه الله أمرا للجميع على اتباع وليّه، وإلّا فسوف لا يكون أيّ ضمان على اتباع أمره في المجتمع وفسح المجال لحكومته. الفصل الثالث: منهج الولاية في فرض القوّة إن مجمل الأبحاث التي أشير إليها لحدّ الآن قد أوصلتنا إلى هذه النتيجة: بمقتضى النظام التسخيري الذي أحاط بجميع أبعاد حياة الناس، لابدّ من تسلّط بعض الناس على بعض. ومآل هذا التسلّط بطبيعته هو إلى تبلور القوة بين الناس. فهنا قد يطغى بعضهم ويمارسون الظلم والعدوان على الآخرين. ففي سبيل الحيلولة دون هذا الظلم والطغيان الذي قد يؤدّي إليه النظام التسخيري بطبيعة الحال، لابدّ من وجود سلطة مركزية قويّة لتشكّل ضمانا على تطبيق قواعد هذا النظام التسخيري بشكل صحيح، وتؤمّن راحة الحياة المصحوبة بالاطمئنان في خضمّ هذا النظام التسخيري. لقد وقفنا في الفصل السابق عند ضرورة تدخّل الله سبحانه في عمليّة مراقبة هذه السلطة المركزية. وقلنا هناك: من خلال استقراء تجربة الإنسان في الحكم وإدارة البلاد منذ آلاف السنين، ونظرا إلى الظروف التي نعيشها في عالمنا اليوم، نجد ضرورة تدخّل الله في عمليّة إدارة الناس ليكون هو الحاسم في حلّ أزمات هذا الموضوع. فكما تشاهد أيها القارئ العزيز، لقد جرّتنا مقدمات منطقيّة وعقليّة إلى هذه النتيجة وهي التي ألجأتنا إلى البتّ بضرورة تدخّل الله، فلم ننطلق إلى هذه النتيجة من وحي الأدلّة النقليّة والدينيّة. على أيّ حال إنّ النموذج الذي يطرحه الله سبحانه لإدارة المجتمع ومراقبة هذا النظام التسخيري هو نموذج «الحكومة الولائيّة». نحن لازلنا لم ندع منهجنا في البحث، فسننطلق لدراسة أساليب الولاية في إدارة المجتمع بالمنظار العقلاني. طبعا باعتبار أنّ «الولاية» هي مفهوم إسلاميّ أو دينيّ، فلا بدّ لنا أن نتطرّق إلى بعض التعاليم الدينية ونستند أحيانا إلى بعض المعارف النقلية، كما قد نشير إلى بعض مصاديق سلوك الإمام الخميني (ره) وسماحة السيد القائد (حفظه الله) في عمليّة إدارة البلد، ولكن سوف نأتي بهذه المصاديق أو المعارف الإسلامية كمؤيّد لما ننتهي إليه عبر دراستنا العقلية في الموضوع، وليس هدفنا الآن في هذه العجالة أن نثبت نظريّة «ولاية الفقيه» أو ندعو لقبولها. في هذا الفصل ومن أجل التعرّف الأكثر على خصائص الحكومة الولائية، نتطرق بادئ ذي بدء إلى منهج الولاية في استخدام «أدوات القوة»، ثم نذكر أسباب منهج الولاية هذا في استخدام أدوات القوة، وبعد ذلك نعرّج على موضوع علاقة الولاية بـ«استقلال» الناس في إطار شبهة سوف نطرحها، ثم ننهي الموضوع في آخر المطاف بمدى علاقة «الحرية» بالولاية. يتبع إن شاء الله... |
![]() |
![]() |
![]() |
#28 |
●• فاطمية متميزة •●
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 159 ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#29 |
•● مشرفة سابقة ●• بنور فاطمه اهتديت
![]() ![]() تاريخ التسجيل: Feb 2011
الدولة: السعودية
المشاركات: 3,796
معدل تقييم المستوى: 901 ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]()
اللهم صل على محمد وال محمد
سلمتي اخيتي على هدة الوقفة في ارتقاب ماياتي منك ابداعا
__________________
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#30 |
●• فاطمية متميزة •●
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 159 ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الفاطميات الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 (0 فاطمية و 1 زائرة ) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
وقفة مع القلم | العالمه الغير معلمه | أهل البيت (عليهم السلام) سيرة اهل البيت - مكتبة اهل البيت - موسوعة شاملة عن أهل البيت (ع) | 6 | 22-08-2011 04:14 PM |
وقفة مع الذات | صفية المختار | الحوار العام - نقاشات وحوارات تهم المرأة و المجتمع | 9 | 22-01-2011 10:04 AM |